الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5538 ) مسألة ; قال : وإن قالت في وقت من الأوقات : قد رضيت به عنينا . لم يكن لها المطالبة بعد . وجملة الأمر ، أنها متى رضيت به عنينا ، بطل خيارها ، سواء قالته عقيب العقد ، أو بعد ضرب المدة ، أو بعد انقضائها ، ولا نعلم في بطلان خيارها بقولها ذلك بعد انقضاء المدة خلافا ، فأما قبلها فإن الشافعي قال في الجديد : لا يبطل خيارها ; لأن حقها في الفسخ إنما يثبت بعد انقضاء المدة ، فلم يصح إسقاطه قبلها ، كالشفيع يسقط حقه قبل البيع

                                                                                                                                            ولنا ، أنها رضيت بالعيب بعد العقد ، فسقط خيارها ، كسائر العيوب ، وكما بعد انقضاء المدة . وما ذكروه غير صحيح ; فإن العنة التي هي سبب الفسخ موجودة ، وإنما المدة ليعلم وجودها ، ويتحقق علمها ، فهي كالبينة في سائر العيوب

                                                                                                                                            ويفارق الشفعة ; فإن سببها البيع ، ولم يوجد بعد . فإن قيل : فلو رضيت المرأة بالإعسار ، ثم اختارت الفسخ ، ملكته ، ولو آلى منها ، فرضيت بالمقام معه ، ثم طالبت بالعنة ، كان لها ذلك ؟ قلنا : الفرق بينهما أن النفقة يتجدد وجوبها كل يوم ، فإذا رضيت بإسقاط ما يجب لها في المستقبل ، لم يسقط ; لأنها أسقطته قبل وجوبه ، فأشبه إسقاط الشفعة قبل [ ص: 155 ] البيع ، بخلاف العيب ، ولأن الإعسار يعقبه اليسار ، فترضى بالمقام رجاء ذلك ، وكذلك المولي يجوز أن يكفر عن يمينه ، ويطأ ، فإذا لم يوجد ذلك ، ثبت لها الخيار ، فأما العنين إذا رضيته ، فقد رضيت بالعجز من طريق الخلقة ، وهو معنى لا يزول في العادة ، فافترقا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية