الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                715 حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم واللفظ لعثمان قال إسحق أخبرنا وقال عثمان حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاحق بي وتحتي ناضح لي قد أعيا ولا يكاد يسير قال فقال لي ما لبعيرك قال قلت عليل قال فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فزجره ودعا له فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير قال فقال لي كيف ترى بعيرك قال قلت بخير قد أصابته بركتك قال أفتبيعنيه فاستحييت ولم يكن لنا ناضح غيره قال فقلت نعم فبعته إياه على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة قال فقلت له يا رسول الله إني عروس فاستأذنته فأذن لي فتقدمت الناس إلى المدينة حتى انتهيت فلقيني خالي فسألني عن البعير فأخبرته بما صنعت فيه فلامني فيه قال وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي حين استأذنته ما تزوجت أبكرا أم ثيبا فقلت له تزوجت ثيبا قال أفلا تزوجت بكرا تلاعبك وتلاعبها فقلت له يا رسول الله توفي والدي أو استشهد ولي أخوات صغار فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن فتزوجت ثيبا لتقوم عليهن وتؤدبهن قال فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة غدوت إليه بالبعير فأعطاني ثمنه ورده علي حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتل جملي وساق الحديث بقصته وفيه ثم قال لي بعني جملك هذا قال قلت لا بل هو لك قال لا بل بعنيه قال قلت لا بل هو لك يا رسول الله قال لا بل بعنيه قال قلت فإن لرجل علي أوقية ذهب فهو لك بها قال قد أخذته فتبلغ عليه إلى المدينة قال فلما قدمت المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال أعطه أوقية من ذهب وزده قال فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطا قال فقلت لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرة حدثنا أبو كامل الجحدري حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الجريري عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتخلف ناضحي وساق الحديث وقال فيه فنخسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لي اركب باسم الله وزاد أيضا قال فما زال يزيدني ويقول والله يغفر لك

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( على أن لي فقار ظهره ) هو بفاء مفتوحة ثم قاف ، وهي خرزاته ، أي : مفاصل عظامه ، واحدتها فقارة .

                                                                                                                قوله : ( فقلت له : يا رسول الله إني عروس ) هكذا يقال للرجل : عروس كما يقال ذلك للمرأة ، لفظها واحد لكن يختلفان في الجمع ، فيقال : رجل عروس ، ورجال عرس بضم العين والراء ، وامرأة عروس ونسوة عرائس .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : أفلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك ؟ سبق شرحه في كتاب النكاح ، وضبط لفظه ، والخلاف في معناه ، مع شرح ما يتعلق به .

                                                                                                                قوله : ( فإن لرجل علي أوقية ذهب فهو لك بها ، قال : قد أخذته به ) هذا قد يحتج به أصحابنا في اشتراط الإيجاب والقبول في البيع ، وأنه لا ينعقد بالمعاطاة ، ولكن الأصح المختار انعقاده [ ص: 212 ] بالمعاطاة ، وهذا لا يمنع انعقاده بالمعاطاة ، فإنه لم ينه فيه عن المعاطاة ، والقائل بالمعاطاة يجوز هذا فلا يرد عليه ، ولأن المعاطاة إنما تكون إذا حضر العوضان فأعطى وأخذ ، فأما إذا لم يحضر العوضان أو أحدهما فلا بد من لفظ ، وفي هذا دليل لأصح الوجهين عند أصحابنا ، وهو انعقاد البيع بالكناية . لقوله صلى الله عليه وسلم : " قد أخذته به " مع قول جابر : هو لك ، وهذان اللفظان كناية .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم لبلال : أعطه أوقية من ذهب وزده فيه جواز الوكالة في قضاء الديون ، وأداء الحقوق ، وفيه : استحباب الزيادة في أداء الدين ، وإرجاح الوزن .

                                                                                                                قوله : ( فأخذه أهل الشام يوم الحرة ) يعني حرة المدينة ، كان قتال ونهب من أهل الشام هناك سنة ثلاث وستين من الهجرة .




                                                                                                                الخدمات العلمية