الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5671 ) فصل : إذا دعي إلى وليمة ، فيها معصية ، كالخمر ، والزمر ، والعود ونحوه ، وأمكنه الإنكار ، وإزالة المنكر ، لزمه الحضور والإنكار ; لأنه يؤدي فرضين ; إجابة أخيه المسلم ، وإزالة المنكر . وإن لم يقدر على الإنكار ، لم يحضر . وإن لم يعلم بالمنكر حتى حضر ، أزاله ، فإن لم يقدر انصرف . ونحو هذا قال الشافعي . وقال مالك : أما اللهو [ ص: 215 ] الخفيف ، كالدف والكير فلا يرجع . وقاله ابن القاسم . وقال أصبغ : أرى أن يرجع ; وقال أبو حنيفة : إذا وجد اللعب ، فلا بأس أن يقعد فيأكل . وقال محمد بن الحسن : إن كان ممن يقتدى به ، فأحب إلي أن يخرج . وقال الليث : إذا كان فيها الضرب بالعود ، فلا ينبغي له أن يشهدها .

                                                                                                                                            والأصل في هذا ما روى سفينة { أن رجلا أضافه علي ، فصنع له طعاما ، فقالت فاطمة : لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأكل معنا ؟ فدعوه ، فجاء . فوضع يده على عضادتي الباب ، فرأى قراما في ناحية البيت ، فرجع ، فقالت فاطمة لعلي : الحقه ، فقل له : ما رجعك يا رسول الله ؟ فقال : إنه ليس لي أن أدخل بيتا مزوقا } . حديث حسن . وروى أبو حفص ، بإسناده . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر }

                                                                                                                                            . { وعن نافع ، قال : كنت أسير مع عبد الله بن عمر ، فسمع زمارة راع ، فوضع أصبعيه في أذنيه ، ثم عدل عن الطريق ، فلم يزل يقول : يا نافع أتسمع ؟ حتى قلت : لا . فأخرج أصبعيه من أذنيه ، ثم رجع إلى الطريق ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع . } رواه أبو داود والخلال . ولأنه يشاهد المنكر ويسمعه ، من غير حاجة إلى ذلك ، فمنع منه ، كما لو قدر على إزالته . ويفارق من له جار مقيم على المنكر والزمر ، حيث يباح له المقام ، فإن تلك حال حاجة ; لما في الخروج من المنزل من الضرر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية