الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب تحريم هدايا العمال

                                                                                                                1832 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وابن أبي عمر واللفظ لأبي بكر قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد يقال له ابن اللتبية قال عمرو وابن أبي عمر على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا لي أهدي لي قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت مرتين حدثنا إسحق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم ابن اللتبية رجلا من الأزد على الصدقة فجاء بالمال فدفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هذا مالكم وهذه هدية أهديت لي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم لا ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا ثم ذكر نحو حديث سفيان

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد يقال له ابن اللتبية ) أما ( الأسد ) فبإسكان السين ويقال له : ( الأزدي ) من أزد شنوءة ، ويقال لهم : الأزد والأسد ، وقد ذكره مسلم في الرواية الثانية .

                                                                                                                أما ( اللتبية ) فبضم اللام وإسكان التاء ، ومنهم من فتحها ، قالوا : وهو خطأ ، ومنهم من يقول بفتحها ، وكذا وقع في مسلم في رواية أبي كريب المذكورة بعد هذا ، قالوا : وهو خطأ أيضا ، والصواب ( اللتبية ) بإسكانها نسبة إلى بني لتب ، قبيلة معروفة ، واسم ابن اللتبية هذا : عبد الله .

                                                                                                                وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول ; لأنه خان في ولايته وأمانته ، ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته وحمله ما أهدي إليه يوم القيامة ، كما ذكر مثله في الغال ، وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه ، وأنها بسبب الولاية ، بخلاف الهدية لغير العامل ، فإنها مستحبة ، وقد سبق بيان حكم ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية ، وأنه يرده إلى مهديه ، فإن تعذر فإلى بيت المال .

                                                                                                                [ ص: 534 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( أو شاة تيعر ) هو بمثناة فوق مفتوحة ، ثم مثناة تحت ساكنة ، ثم عين مهملة مكسورة ومفتوحة ، ومعناه : تصيح ، واليعار : صوت الشاة .

                                                                                                                قوله : ( ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ) هي بضم العين المهملة وفتحها والفاء ساكنة فيهما ، وممن ذكر اللغتين في العين القاضي هنا وفي المشارق وصاحب المطالع ، والأشهر الضم ، قال الأصمعي وآخرون : عفرة الإبط هي البياض ليس بالناصع ، بل فيه شيء كلون الأرض ، قالوا : وهو مأخوذ من عفر الأرض بفتح العين ، والفاء وهو : وجهها .




                                                                                                                الخدمات العلمية