الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4339 [ ص: 377 ] ص: وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، -رحمهم الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي النظر الصحيح هو قول أبي حنيفة وصاحبيه. واحتجت أصحابنا أيضا فيما ذهبوا إليه بحديث أبي هريرة عن النبي -عليه السلام- قال: "إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط".

                                                أخرجه الترمذي وأبو داود ولفظه: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل".

                                                والنسائي ، ولفظه: "يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل".

                                                وبحديث عائشة أيضا قالت: "كان رسول الله -عليه السلام- يقسم فيعدل ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني: القلب.

                                                أخرجه الأربعة، وذكر الترمذي والنسائي أنه روي مرسلا، وقال الترمذي: إن المرسل أصح، وجه الاستدلال بهذا: أن قوله: "إذا كانت عند الرجل امرأتان" لفظ عام يتناول البكر والثيب، والشابة والعجوز، والقديمة والحديثة، والمسلمة والكتابية فحينئذ يستوي هؤلاء كلهن في القسم.

                                                وأما إذا كانت إحداهما حرة والأخرى أمة فللحرة يومان وللأمة يوم، روي ذلك عن علي -رضي الله عنه- وقال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه العلم على أن القسم بين المسلمة والذمية سواء؛ لأنهن حرائر، فلا فرق بينهن في أحكام الأزواج، وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: "إذا تزوج الحر الحرة على الأمة قسم للحرة يومين وللأمة يوما".

                                                [ ص: 378 ] وبه قال سعيد بن المسيب ، ومسروق ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأبو ثور .

                                                وذكر أبو عبيد أن هذا قول الثوري ، والأوزاعي، وأهل الرأي.

                                                وقال مالك: إذا تزوج العبد حرة وأمة عدل بينهما بالسوية، وقال الكوفيون: يقسم بينهما كما يقسم الحر.

                                                وبه قال أبو ثور .

                                                وكان أبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو ثور، يقولون: الصحيح والمريض والعنين والخصي والمجبوب في القسم سواء.

                                                وكان الشافعي يقول في المرأة تثقل: لا بأس أن يقيم عندها حتى تخف أو تموت، ثم يوفي من بقي من نسائه مثل ما أقام عندها، وبه قال أبو ثور .

                                                وقال الكوفيون: ما مضى هدر، ويستقبل العدل فيما يستقبل.

                                                وقال مالك: الصغيرة التي جومعت والبالغ سواء. وبه قال أبو حنيفة .

                                                وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك: الحائض والنفساء والمريضة والمجنونة لا يتمتع بها والصحيحة سواء في القسم. والله أعلم.

                                                ***




                                                الخدمات العلمية