الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1979 وحدثني أبو بكر بن إسحق أخبرنا سعيد بن كثير بن عفير أبو عثمان المصري حدثنا عبد الله بن وهب حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب أخبرني علي بن حسين بن علي أن حسين بن علي أخبره أن عليا قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس يومئذ فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار وجمعت حين جمعت ما جمعت فإذا شارفاي قد اجتبت أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما قلت من فعل هذا قالوا فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار غنته قينة وأصحابه فقالت في غنائها

                                                                                                                ألا يا حمز للشرف النواء

                                                                                                                فقام حمزة بالسيف فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما فأخذ من أكبادهما فقال علي فانطلقت حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة قال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي الذي لقيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك قلت يا رسول الله والله ما رأيت كاليوم قط عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء الباب الذي فيه حمزة فاستأذن فأذنوا له فإذا هم شرب فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل فإذا حمزة محمرة عيناه فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر إلى ركبتيه ثم صعد النظر فنظر إلى سرته ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه فقال حمزة وهل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى وخرج وخرجنا معه
                                                                                                                وحدثنيه محمد بن عبد الله بن قهزاذ حدثني عبد الله بن عثمان عن عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري بهذا الإسناد مثله

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( أردت أن أبيعه من الصواغين ) هكذا هو في جميع نسخ مسلم ، وفي بعض الأبواب من البخاري ( من الصواغين ) ففيه دليل لصحة استعمال الفقهاء في قولهم : بعت منه ثوبا ، وزوجت منه ، ووهبت منه جارية ، وشبه ذلك ، والفصيح حذف ( من ) فإن الفعل متعد بنفسه ، ولكن استعمال ( من ) في هذا صحيح ، وقد كثر ذلك في كلام العرب ، وقد جمعت من ذلك نظائر كثيرة في تهذيب اللغات في حرف الميم مع النون ، وتكون ( من ) زائدة على مذهب الأخفش ومن وافقه في زيادتها في الواجب .

                                                                                                                قوله ( وشارفاي مناخان ) هكذا في معظم النسخ ( مناخان ) وفي بعضها ( مناختان ) بزيادة التاء ، وكذلك اختلف فيه نسخ البخاري ، وهما صحيحان ، فأنث باعتبار المعنى وذكر باعتبار اللفظ .

                                                                                                                [ ص: 128 ] قوله : ( فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال ، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار ، وجمعت حين جمعت ما جمعت ، فإذا شارفي قد اجتبت أسنمتهما ) هكذا في بعض نسخ بلادنا ، ونقله القاضي عن أكثر نسخهم ، وسقطت لفظة : ( وجمعت ) التي عقب قوله : ( رجل من الأنصار ) من أكثر نسخ بلادنا ، ووقع في بعض النسخ ( حتى جمعت ) مكان ( حين جمعت ) . قوله : ( فإذا شارفي قد اجتبت أسنمتهما ) هكذا هو في معظم النسخ ( فإذا شارفي ) وفي بعضها ( فإذا شارفاي ) وهذا هو الصواب ، أو يقول : فإذا شارفتاي ، إلا أن يقرأ : فإذا شارفي - بتخفيف الياء - على لفظ الإفراد ، ويكون المراد جنس الشارف ، فيدخل فيه الشارفان . والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 129 ] قوله : ( فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما ) هذا البكاء والحزن الذي أصابه سببه ما خافه من تقصيره في حق فاطمة - رضي الله عنها - وجهازها والاهتمام بأمرها ، تقصيره أيضا بذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن لمجرد الشارفين من حيث هما من متاع الدنيا ، بل لما قدمناه . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( هو في هذا البيت في شرب من الأنصار ) والشرب - بفتح الشين وإسكان الراء - وهم الجماعة الشاربون .

                                                                                                                قوله : ( فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه ) هكذا هو في النسخ كلها ( فارتداه ) وفيه : جواز لباس الرداء ، وترجم له البخاري بابا ، وفيه أن الكبير إذا خرج من منزله تجمل بثيابه ، ولا يقتصر على ما يكون عليه في خلوته في بيته ، وهذا من المروءات والآداب المحبوبة .

                                                                                                                قوله : ( فطفق يلوم حمزة ) أي جعل يلومه ، يقال بكسر الفاء وفتحها ، حكاه القاضي وغيره ، والمشهور الكسر وبه جاء القرآن ، قال الله تعالى : فطفق مسحا بالسوق والأعناق . قوله : ( إنه ثمل ) بفتح الثاء المثلثة وكسر الميم أي سكران .




                                                                                                                الخدمات العلمية