الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة السادسة ] .

[ من يصح خياره ] .

وأما المسألة السادسة ( وهي من يصح خياره ؟ ) : فإنهم اتفقوا على صحة خيار المتبايعين ، واختلفوا في اشتراط خيار الأجنبي ، فقال مالك : يجوز ذلك والبيع صحيح .

وقال الشافعي في أحد قوليه : لا يجوز إلا أن يوكله الذي جعل له الخيار ، ولا يجوز الخيار عنده على هذا القول لغير العاقد ، وهو قول أحمد . وللشافعي قول آخر مثل قول مالك ، وبقول مالك قال أبو حنيفة .

[ ص: 569 ] واتفق المذهب على أن الخيار للأجنبي إذا جعله له المتبايعان ، وأن قوله لهما . واختلف المذهب إذا جعله أحدهما فاختلف البائع ومن جعل له البائع الخيار أو المشتري ومن جعل له المشتري الخيار :

فقيل : القول في الإمضاء ، والرد قول الأجنبي ، سواء اشترط خياره البائع أو المشتري ، وقال عكس هذا القول من جعل خياره هنا كالمشورة .

وقيل : بالفرق بين البائع والمشتري ( أي : إن القول في الإمضاء والرد قول البائع دون الأجنبي ، وقول الأجنبي دون المشتري إن كان المشتري هو المشترط الخيار ) .

وقيل : القول قول من أراد منهما الإمضاء ، وإن أراد البائع الإمضاء ، وأراد الأجنبي الذي اشترط خياره الرد ، ووافقه المشتري ، فالقول قول البائع في الإمضاء ، وإن أراد البائع الرد ، وأراد الأجنبي الإمضاء ووافقه المشتري فالقول قول المشتري; وكذلك إن اشترط الخيار للأجنبي المشتري ، فالقول فيهما قول من أراد الإمضاء ، وكذلك الحال في المشتري .

وقيل : بالفرق في هذا بين البائع والمشتري ( أي : إن اشترطه البائع فالقول قول من أراد الإمضاء منهما ، وإن اشترطه المشتري فالقول قول الأجنبي ) ، وهو ظاهر ما في المدونة ، وهذا كله ضعيف .

واختلفوا فيمن اشترط من الخيار ما لا يجوز ، مثل أن يشترط أجلا مجهولا ، وخيارا فوق الثلاث عند من لا يجوز الخيار فوق الثلاث ، أو خيار رجل بعيد الموضع بعينه ( أعني : أجنبيا ) : فقال مالك ، والشافعي : لا يصح البيع وإن أسقط الشرط الفاسد . وقال أبو حنيفة : يصح البيع مع إسقاط الشرط الفاسد .

فأصل الخلاف : هل الفساد الواقع في البيع من قبل الشرط يتعدى إلى العقد أم لا يتعدى ، وإنما هو في الشرط فقط ؟ فمن قال : يتعدى : أبطل البيع ، وإن أسقطه . ومن قال : لا يتعدى : قال : البيع يصح إذا أسقط الشرط الفاسد; لأنه يبقى العقد صحيحا .

التالي السابق


الخدمات العلمية