الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2094 وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وعباد بن موسى قالا حدثنا طلحة بن يحيى وهو الأنصاري ثم الزرقي عن يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه وحدثني زهير بن حرب حدثني إسمعيل بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال عن يونس بن يزيد بهذا الإسناد مثل حديث طلحة بن يحيى

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله في حديث طلحة بن يحيى وسليمان بن بلال ( عن يونس عن ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة في يمينه ) . وفي حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس : ( كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه ، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى ) ، وفي حديث علي : ( نهاني صلى الله عليه وسلم أن أتختم في أصبعي هذه أو هذه ، فأومأ إلى الوسطى والتي تليها ) ، وروي هذا الحديث في غير مسلم : ( السبابة والوسطى ) وأجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر ، وأما [ ص: 260 ] المرأة فإنها تتخذ خواتيم في أصابع . قالوا : والحكمة في كونه في الخنصر أنه أبعد من الامتهان فيما يتعاطى باليد ، لكونه طرفا ، ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله من أشغالها بخلاف غير الخنصر ، ويكره للرجل جعله في الوسطى والتي تليها لهذا الحديث ، وهي كراهة تنزيه . وأما التختم في اليد اليمنى أو اليسرى فقد جاء فيه هذان الحديثان ، وهما صحيحان .

                                                                                                                وقال الدارقطني : لم يتابع سليمان بن بلال على هذه الزيادة ، وهي قوله : ( في يمينه ) . قال : وخالفه الحافظ عن يونس ، مع أنه لم يذكرها أحد من أصحاب الزهري ، مع تضعيف إسماعيل بن أبي أويس رواتها عن سليمان بن بلال ، وقد ضعف إسماعيل بن أبي أويس أيضا يحيى بن معين والنسائي ، ولكن وثقه الأكثرون ، واحتجوا به ، واحتج به [ ص: 261 ] البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وقد ذكر مسلم أيضا من رواية طلحة بن يحيى مثل رواية سليمان بن بلال ، فلم ينفرد بها سليمان بن بلال ، فقد اتفق طلحة وسليمان عليها .

                                                                                                                وكون الأكثرين لم يذكروها لا يمنع صحتها ، فإن زيادة الثقة مقبولة . والله أعلم .

                                                                                                                وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء فأجمعوا على جواز التختم في اليمين ، وعلى جوازه في اليسار ، ولا كراهة في واحدة منهما ، اختلفوا أيتهما أفضل ؟ فتختم كثيرون من السلف في اليمين ، وكثيرون في اليسار ، واستحب مالك اليسار ، وكره اليمين . وفي مذهبنا وجهان لأصحابنا : الصحيح أن اليمين أفضل لأنه زينة ، واليمين أشرف ، وأحق بالزينة والإكرام .




                                                                                                                الخدمات العلمية