الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7339 ) الفصل الثاني : أنه يجب الحد على من شرب قليلا من المسكر أو كثيرا . ولا نعلم بينهم خلافا في ذلك في عصير العنب غير المطبوخ ، واختلفوا في سائرها ، فذهب إمامنا إلى التسوية بين عصير العنب وكل مسكر . وهو قول الحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، والأوزاعي ، ومالك ، والشافعي . وقالت طائفة لا يحد ، إلا أن يسكر ; منهم أبو وائل ، والنخعي ، وكثير من أهل الكوفة ، وأصحاب الرأي . وقال أبو ثور : من شربه معتقدا تحريمه حد . ومن شربه متأولا ، فلا حد عليه ; لأنه مختلف فيه ، فأشبه النكاح بلا ولي .

                                                                                                                                            ولنا ما روي عن النبي أنه قال : { من شرب الخمر فاجلدوه . } رواه أبو داود ، وغيره . وقد ثبت أن كل مسكر خمر ، فيتناول الحديث قليله وكثيره ; ولأنه شراب فيه شدة مطربة ، فوجب الحد بقليله ، كالخمر . والاختلاف فيه لا [ ص: 137 ] يمنع وجوب الحد فيها ; بدليل ما لو اعتقد تحريمها . وبهذا فارق النكاح بلا ولي ونحوه من المختلف فيه ، وقد حد عمر قدامة بن مظعون وأصحابه ، مع اعتقادهم حل ما شربوه والفرق بين هذا وبين سائر المختلف فيه من وجهين ; أحدهما : أن فعل المختلف فيه هاهنا داعية إلى فعل ما أجمع على تحريمه ، وفعل سائر المختلف فيه يصرف عن جنسه من المجمع على تحريمه . الثاني : أن السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قد استفاضت بتحريم هذا المختلف فيه ، فلم يبق فيه لأحد عذر في اعتقاد إباحته ، بخلاف غيره من المجتهدات . قال أحمد بن القاسم : سمعت أبا عبد الله ، يقول : في تحريم المسكر عشرون وجها عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعضها : { كل مسكر خمر } وبعضها : { كل مسكر حرام } .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية