الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 712 ] [ أحكام التدبير ]

وأما أحكامه فأصولها راجعة إلى أجناس خمسة :

أحدها : مما يخرج المدبر ، هل من رأس المال أو الثلث ؟

والثاني : ما يبقى فيه من أحكام الرق مما ليس يبقى فيه ( أعني : ما دام مدبرا ) .

والثالث : ما يتبعه في الحرية مما ليس يتبعه .

والرابع : مبطلات التدبير الطارئة عليه .

والخامس : في أحكام تبعيض التدبير .

الجنس الأول

[ من ماذا يخرج المدبر ]

فأما مماذا يخرج المدبر إذا مات المدبر ؟ فإن العلماء اختلفوا في ذلك ، فذهب الجمهور إلى أنه يخرج من الثلث ، وقالت طائفة : هو من رأس المال ، معظمهم أهل الظاهر .

فمن رأى أنه من الثلث شبهه بالوصية ; لأنه حكم يقع بعد الموت . وقد روي حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " المدبر من الثلث " إلا أنه أثر ضعيف عند أهل الحديث ; لأنه رواه علي بن ظبيان عن نافع عن عبد الله بن عمر ، وعلي بن ظبيان متروك الحديث عند أهل الحديث .

ومن رآه من رأس المال شبهه بالشيء يخرجه الإنسان من ماله في حياته فأشبه الهبة .

واختلف القائلون بأنه من الثلث في فروع ، وهو إذا دبر الرجل غلاما له في صحته ، وأعتق في مرضه الذي مات عنه غلاما آخر فضاق الثلث عن الجمع بينهما ، فقال مالك : يقدم المدبر لأنه كان في الصحة ، وقال الشافعي : يقدم المعتق المبتل ; لأنه لا يجوز له رده ، ومن أصله أنه يجوز عنده رد التدبير ، وهذه المسألة هي أحق بكتاب الوصايا .

التالي السابق


الخدمات العلمية