الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2744 حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم واللفظ لعثمان قال إسحق أخبرنا وقال عثمان حدثنا جرير عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن الحارث بن سويد قال دخلت على عبد الله أعوده وهو مريض فحدثنا بحديثين حديثا عن نفسه وحديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم عن قطبة بن عبد العزيز عن الأعمش بهذا الإسناد وقال من رجل بداوية من الأرض وحدثني إسحق بن منصور حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش حدثنا عمارة بن عمير قال سمعت الحارث بن سويد قال حدثني عبد الله حديثين أحدهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن بمثل حديث جرير [ ص: 220 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 220 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( في أرض دوية مهلكة ) أما ( دوية ) فاتفق العلماء على أنها بفتح الدال وتشديد الواو والياء جميعا ، وذكر مسلم في الرواية التي بعد هذه رواية أبي بكر بن أبي شيبة ( أرض داوية ) بزيادة ألف وهي بتشديد الياء أيضا وكلاهما صحيح ، قال أهل اللغة : الدوية الأرض القفر ، والفلاة : الخالية ، قال الخليل : هي المفازة ، قالوا : ويقال دوية وداوية ، فأما الدوية فمنسوب إلى الدو بتشديد الواو ، وهي : البرية التي لا نبات بها ، وأما الداوية فهي على إبدال إحدى الواوين ألفا كما قيل في النسب إلى طي : طائي ، وأما ( المهلكة ) فهي بفتح الميم وبفتح اللام وكسرها ، وهي موضع خوف الهلاك ، ويقال لها : مفازة ، قيل : إنه من قولهم : فوز الرجل إذا هلك ، وقيل على سبيل التفاؤل بفوزه ونجاته منها ، كما يقال للديغ : سليم .

                                                                                                                قوله : ( دخلت على عبد الله أعوده وهو مريض فحدثنا حديثين ، حديثا عن نفسه ، وحديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ثم ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر حديث عبد الله عن نفسه ، وقد ذكر البخاري في صحيحه والترمذي وغيرهما وهو قوله : المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل ، يخاف أن يقع عليه ، والفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه ، فقال به : هكذا .

                                                                                                                قوله في رواية أبي بكر بن أبي شيبة ( من رجل بداوية ) هكذا هو في النسخ ( من رجل ) بالنون وهو الصواب ، قال القاضي : ووقع في بعضها ( مر رجل ) بالراء وهو تصحيف ، لأن مقصود مسلم أن يبين الخلاف في دوية ، وداوية ، وأما لفظة ( من ) فمتفق عليها في الروايتين ، ولا معنى للراء هنا .




                                                                                                                الخدمات العلمية