الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( وجد مضطر ميتة ) غير آدمي محترم ( وطعام غيره ) الغائب لزمه أكلها على المذهب لإباحتها له بالنص الذي هو أقوى من الاجتهاد المبيح له مال غيره بغير إذنه ، أما الحاضر فإن بذله له ولو بثمن مثله أو بزيادة يتغابن الناس بها وهو معه ولو ببذل ساتر عورته حيث لم يخف هلاكا بنحو برد أو رضي بذمته لم تحل له الميتة أو لا يتغابن بها حلت ولا يقاتله هنا إن امتنع مطلقا ( أو ) وجد مضطر ( محرم ) أو بالحرم ( ميتة وصيدا ) حيا ( فالمذهب ) أنه يلزمه ( أكلها ) لعدم ضمانها وذبح الصيد حرام ويصير به ميتة أيضا ، ويحرم أكله ويجب فيه الجزاء ، ففي الأول تحريم واحد فكانت أخف ، أو ميتة ولحم صيد ذبحه محرم تخير بينهما ، ولو لم يجد محرم أو من بالحرم إلا صيدا ذبحه وأكله وافتدى ، أو ميتة أكلها ولا فدية أو صيدا وطعام الغير فالظاهر تعين الثاني لأنهما وإن اشتركا في الضمان فطعام الغير حلال والصيد يصير ميتة بذبح المحرم ، ولو عم الحرام الأرض جاز له الاستعمال منه بقدر ما تمس حاجته إليه دون ما سوى ذلك ، ومحله إذا توقعنا معرفة أربابه وإلا صار مالا ضائعا فينتقل لبيت المال ويأخذ منه بقدر ما يستحقه فيه ( والأصح تحريم ) ( قطع بعضه ) أي بعض نفسه ( لأكله ) بلفظ المصدر لتوقع الهلاك منه ( قلت : الأصح جوازه ) لما يسد به رمقه أو لما يشبعه على ما مر إذ هو قطع بعض لاستبقاء كل فأشبه قطع يد متآكلة ( وشرطه ) أي حل قطع البعض ( فقد الميتة ونحوها ) كطعام الغير فمتى وجد ما يأكله حرم ذلك قطعا ( وأن ) لا يكون في قطعه خوف أصلا أو ( يكون الخوف في قطعه أقل ) منه في تركه ، فإن كان مثله أو أكثر أو الخوف في القطع فقط حرم مطلقا .

                                                                                                                            وإنما جاز قطع السلعة في حالة تساوي الخطرين لأنها لحم زائد ويزول الشين بقطعها ويحصل به الشفاء ، وهذا تغيير وإفساد للبنية الأصلية فكان أضيق ، ومن ثم لو كان ما يراد قطعه نحو سلعة أو يد متآكلة جاز هنا حيث يجوز قطعها في حالة الاختيار في الأولى قاله البلقيني ( ويحرم ) ( قطعه ) أي البعض من نفسه ( لغيره ) ولو مضطرا ما لم يكن ذلك الغير نبيا فيجب له ذلك ( ومن معصوم ) لأجل نفسه ( والله أعلم ) والمعصوم هنا ما يمتنع قتله للأكل ، أما غير المعصوم كمرتد وحربي فيجوز قطع البعض منه لأكله ، وما ذهب إليه الماوردي من تحريمه لما فيه من التعذيب رد بأنه أخف الضررين ، ولو وجد مريض [ ص: 164 ] طعاما له أو لغيره يضره ولو بزيادة مرضه فله أكل الميتة ، ويكره ذم الطعام لا صنعته والزيادة على الشبع في ملك نفسه ، ولا ضرر عليه فيها والثمار والزرع في التحريم على غير مالكها والحل له كغيرها ، فلو جرت العادة بأكل ما تساقط منها جاز ، إلا إن حوط عليه أو منع منه المالك ، وله الأكل من طعام غلب على ظنه رضا المالك به فإن شك حرم ، وندب ترك تبسط في طعام إلا في حق الضيف .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فالظاهر تعين الأول ) وفي نسخة الثاني لأنهما وإن اشتركا في الضمان فطعام الغير حلال والصيد يصير ميتة بذبح المحرم ( قوله : ولو عم الحرام إلخ ) وهي الظاهرة لما علل به ، وفي حاشية شيخنا الزيادي ما يوافق ما في الأصل نقلا عن شرح البهجة ( قوله : بقدر ما تمس حاجته إليه ) أي وإن لم يصل إلى حد الضرورة ( قوله : أو يد متآكلة ) أي أو نحو يد ( قوله في حالة الاختيار في الأولى ) عبارة حج : [ ص: 164 ] بالأولى وهي أولى ( قوله : ويكره ذم الطعام لا صنعته ) قد يقال : ذم صنعته يستلزم ذمه ( قوله : وندب ترك تبسط ) أي توسع ( قوله : إلا في حق الضيف ) أي فلا يندب ترك التبسط من صاحب الطعام إكراما للضيف .

                                                                                                                            [ تتمة ] في إعطاء النفس حظها من الشهوات المباحة مذاهب ذكرها الماوردي : أحدها منعها وقهرها كي لا تطغى .

                                                                                                                            والثاني إعطاؤها تحيلا على نشاطها وبعثها لروحانيتها .

                                                                                                                            والثالث قال والأشبه التوسط لأن في إعطاء الكل سلاطة وفي منع الكل بلادة ا هـ عميرة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 163 - 164 ] ( قوله : والزيادة على الشبع في ملك نفسه ) أي أما في ملك غيره فحرام ، ومعلوم أن محله إن لم يظن رضاه .




                                                                                                                            الخدمات العلمية