الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        338 - الحديث الرابع : عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني من مكة - فتبعتهم ابنة حمزة ، تنادي : يا [ ص: 600 ] عم ، فتناولها علي فأخذ بيدها ، وقال لفاطمة : دونك ابنة عمك ، فاحتملتها . فاختصم فيها علي وجعفر وزيد فقال علي : أنا أحق بها ، وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي ، وخالتها تحتي وقال زيد : ابنة أخي فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها ، وقال : الخالة بمنزلة الأم . وقال لعلي : أنت مني ، وأنا منك وقال لجعفر : أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد : أنت أخونا ومولانا } .

                                        التالي السابق


                                        الحديث أصل في باب الحضانة ، وصريح في أن الخالة فيها كالأم ، عند عدم الأم . وقوله عليه السلام { الخالة بمنزلة الأم } سياق الحديث يدل على أنها بمنزلتها في الحضانة وقد يستدل بإطلاقه أصحاب التنزيل على تنزيلها منزلة الأم في الميراث ، إلا أن الأول أقوى . فإن السياق طريق إلى بيان المجملات ، وتعيين المحتملات وتنزيل الكلام على المقصود منه وفهم ذلك - قاعدة كبيرة من قواعد أصول الفقه ولم أر من تعرض لها في أصول الفقه بالكلام عليها وتقرير قاعدتها مطولة إلا بعض المتأخرين ممن أدركنا أصحابهم وهي قاعدة متعينة على الناظر ، وإن كانت ذات شغب على المناظر .

                                        والذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الجماعة من الكلام المطيب لقلوبهم : من حسن أخلاقه صلى الله عليه وسلم ولعلك تقول : أما ما ذكره لعلي وزيد : فقد ظهرت مناسبته ; لأن حرمانهما من مرادهما مناسب لجبرهما بذكر ما يطيب قلوبهم وأما جعفر : فإنه حصل له مراده من أخذ الصبية ، فكيف ناسب ذلك جبره بما قيل له ؟ فيجاب عن ذلك : بأن الصبية استحقتها الخالة والحكم بها لجعفر بسبب الخالة لا بسبب نفسه ، فهو في الحقيقة غير محكوم له بصفته فناسب ذلك جبره بما قيل له .




                                        الخدمات العلمية