الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        366 - الحديث السادس : عن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال { كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شاهداك ، أو يمينه قلت : إذا يحلف ولا يبالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم ، هو فيها فاجر ، لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان . }

                                        التالي السابق


                                        هذا الحديث : فيه دلالة على الوعيد المذكور كالأول وفيه شيء آخر يتعلق بمسألة اختلف فيها الفقهاء ، وهو ما إذا ادعى على غريمه شيئا ، فأنكره وأحلفه ثم أراد إقامة البينة عليه بعد الإحلاف فله ذلك عند الشافعية . وعند المالكية : ليس له ذلك ، إلا أن يأتي بعذر في ترك إقامة البينة يتوجه له . وربما يتمسكون بقوله [ ص: 644 ] عليه السلام { شاهداك ، أو يمينه } وفي حديث آخر { ليس لك إلا ذلك } . ووجه الدليل منه : أن " أو " تقتضي أحد الشيئين ، فلو أجزنا إقامة البينة بعد التحليف : لكان له الأمران معا - أعني اليمين ، وإقامة البينة - مع أن الحديث يقتضي : أن ليس له إلا أحدهما .

                                        وقد يقال في هذا : إن المقصود من الكلام نفي طريق أخرى لإثبات الحق ، فيعود المعنى إلى حصر الحجة في هذين الجنسين - أعني البينة واليمين - إلا أن هذا قليل النفع بالنسبة إلى المناظرة . وفهم مقاصد الكلام نافع بالنسبة إلى النظر . وللأصوليين في أصل هذا الكلام بحث ، ولم ينبه على هذا حق التنبيه - أعني اعتبار مقاصد الكلام - وبسط القول فيه إلا أحد مشايخ بعض مشايخنا من أهل المغرب ، وقد ذكره قبله بعض المتوسطين من الأصوليين المالكيين في كتابه في الأصول . وهو عندي قاعدة صحيحة ، نافعة للناظر في نفسه ، غير أن المناظر الجدلي : قد ينازع في المفهوم ويعسر تقريره عليه . وقد استدل الحنفية بقوله عليه السلام { شاهداك أو يمينه } على ترك العمل بالشاهد واليمين .




                                        الخدمات العلمية