الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                4520 باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه

                                                                                                                2473 حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا سليمان بن المغيرة أخبرنا حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال قال أبو ذر خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا فنزلنا على خال لنا فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له فقلت أما ما مضى من معروفك فقد كدرته ولا جماع لك فيما بعد فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها وتغطى خالنا ثوبه فجعل يبكي فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها فأتيا الكاهن فخير أنيسا فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها [ ص: 1920 ] قال وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين قلت لمن قال لله قلت فأين توجه قال أتوجه حيث يوجهني ربي أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس فقال أنيس إن لي حاجة بمكة فاكفني فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث علي ثم جاء فقلت ما صنعت قال لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله قلت فما يقول الناس قال يقولون شاعر كاهن ساحر وكان أنيس أحد الشعراء قال أنيس لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون قال قلت فاكفني حتى أذهب فأنظر قال فأتيت مكة فتضعفت رجلا منهم فقلت أين هذا الذي تدعونه الصابئ فأشار إلي فقال الصابئ فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي قال فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر قال فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها ولقد لبثت يا ابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع [ ص: 1921 ] قال فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان إذ ضرب على أسمختهم فما يطوف بالبيت أحد وامرأتين منهم تدعوان إسافا ونائلة قال فأتتا علي في طوافهما فقلت أنكحا أحدهما الأخرى قال فما تناهتا عن قولهما قال فأتتا علي فقلت هن مثل الخشبة غير أني لا أكني فانطلقتا تولولان وتقولان لو كان هاهنا أحد من أنفارنا قال فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هابطان قال ما لكما قالتا الصابئ بين الكعبة وأستارها قال ما قال لكما قالتا إنه قال لنا كلمة تملأ الفم وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلى فلما قضى صلاته قال أبو ذر فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام قال فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك ورحمة الله ثم قال من أنت قال قلت من غفار قال فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته فقلت في نفسي كره أن انتميت إلى غفار فذهبت آخذ بيده فقدعني صاحبه وكان أعلم به مني ثم رفع رأسه ثم قال متى كنت هاهنا قال قلت [ ص: 1922 ] قد كنت هاهنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم قال فمن كان يطعمك قال قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما أجد على كبدي سخفة جوع قال إنها مباركة إنها طعام طعم فقال أبو بكر يا رسول الله ائذن لي في طعامه الليلة فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وانطلقت معهما ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف وكان ذلك أول طعام أكلته بها ثم غبرت ما غبرت ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب فهل أنت مبلغ عني قومك عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم فأتيت أنيسا فقال ما صنعت قلت صنعت أني قد أسلمت وصدقت قال ما بي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت فأتينا أمنا فقالت ما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم وكان يؤمهم أيماء بن رحضة الغفاري وكان سيدهم وقال نصفهم إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم نصفهم الباقي وجاءت أسلم فقالوا يا رسول الله إخوتنا نسلم على الذي أسلموا عليه فأسلموا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله [ ص: 1923 ] حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا النضر بن شميل حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال بهذا الإسناد وزاد بعد قوله قلت فاكفني حتى أذهب فأنظر قال نعم وكن على حذر من أهل مكة فإنهم قد شنفوا له وتجهموا حدثنا محمد بن المثنى العنزي حدثني ابن أبي عدي قال أنبأنا ابن عون عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال قال أبو ذر يا ابن أخي صليت سنتين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت فأين كنت توجه قال حيث وجهني الله واقتص الحديث بنحو حديث سليمان بن المغيرة وقال في الحديث فتنافرا إلى رجل من الكهان قال فلم يزل أخي أنيس يمدحه حتى غلبه قال فأخذنا صرمته فضممناها إلى صرمتنا وقال أيضا في حديثه قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام قال فأتيته فإني لأول الناس حياه بتحية الإسلام قال قلت السلام عليك يا رسول الله قال وعليك السلام من أنت وفي حديثه أيضا فقال منذ كم أنت هاهنا قال قلت منذ خمس عشرة وفيه فقال أبو بكر أتحفني بضيافته الليلة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية