الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية [ ص: 220 ] والقدرية ) .

      التالي السابق


      ش قوله : ( وهم وسط . . ) إلخ ؛ قال الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز بن مانع في تعليقه على هذه العبارة ما نصه : ( اعلم أن الناس اختلفوا في أفعال العباد ؛ هل هي مقدورة للرب أم لا ؟ فقال جهم وأتباعه وهم الجبرية : إن ذلك الفعل مقدور للرب لا للعبد ، وكذلك قال الأشعري وأتباعه : إن المؤثر في المقدور قدرة الرب دون قدرة العبد ، وقال جمهور المعتزلة وهم القدرية ؛ أي : نفاة القدر : إن الرب لا يقدر على عين مقدور العبد ، واختلفوا : هل يقدر على مثل مقدوره ؟ فأثبته البصريون ؛ كأبي علي ، وأبي هاشم ، ونفاه الكعبي وأتباعه البغداديون ، وقال أهل الحق : أفعال العباد بها صاروا مطيعين وعصاة ، وهي مخلوقة لله تعالى ، والحق سبحانه منفرد بخلق المخلوقات ، لا خالق لها سواه .

      [ ص: 221 ] فالجبرية غلوا في إثبات القدر ، فنفوا فعل العبد أصلا .

      والمعتزلة نفاة القدر جعلوا العباد خالقين مع الله ، ولهذا كانوا مجوس هذه الأمة .

      وهدى الله المؤمنين أهل السنة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، فقالوا : العباد فاعلون ، والله خالقهم وخالق أفعالهم ؛ كما قال تعالى : والله خلقكم وما تعملون ) اهـ وإنما نقلنا هذه العبارة بنصها ؛ لأنها تلخيص جيد لمذاهب المتكلمين في القدر وأفعال العباد .




      الخدمات العلمية