الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال : الدرجة الثانية : السكينة عند المعاملة بمحاسبة النفوس ، وملاطفة الخلق ، ومراقبة الحق

هذه الدرجة هي التي يحوم عليها أهل التصوف ، والعلم الذي يشمرون إليه للمعاملة التي بينهم وبين الله ، وبينهم وبين خلقه . وتحصل بثلاثة أشياء :

أحدها : محاسبة النفس ، حتى تعرف ما لها وما عليها . ولا يدعها تسترسل في الحقوق استرسالا ، فيضيعها ويهملها .

وأيضا فإن زكاتها وطهارتها موقوف على محاسبتها . فلا تزكو ولا تطهر ولا تصلح ألبتة إلا بمحاسبتها .

[ ص: 478 ] قال الحسن رضي الله عنه : إن المؤمن - والله - لا تراه إلا قائما على نفسه : ما أردت بكلمة كذا ؟ ما أردت بأكلة ؟ ما أردت بمدخل كذا ومخرج كذا ؟ ما أردت بهذا ؟ ما لي ولهذا ؟ والله لا أعود إلى هذا . ونحو هذا من الكلام .

فبمحاسبتها يطلع على عيوبها ونقائصها . فيمكنه السعي في إصلاحها .

الثاني : ملاطفة الخلق . وهي معاملتهم بما يحب أن يعاملوه به من اللطف . ولا يعاملهم بالعنف والشدة والغلظة . فإن ذلك ينفرهم عنه . ويغريهم به . ويفسد عليه قلبه وحاله مع الله ووقته ، فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف . فإن معاملة الناس بذلك : إما أجنبي . فتكسب مودته ومحبته ، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومودته . وإما عدو ومبغض . فتطفئ بلطفك جمرته . وتستكفي شره . ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به .

الثالث : مراقبة الحق سبحانه . وهي الموجبة لكل صلاح وخير عاجل وآجل . ولا تصح الدرجتان الأولتان إلا بهذه . وهي المقصود لذاته . وما قبله وسيلة إليه ، وعون عليه . فمراقبة الحق سبحانه وتعالى : توجب إصلاح النفس ، واللطف بالخلق .

التالي السابق


الخدمات العلمية