الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان حكم النكاح ، فنقول ، وبالله التوفيق الكلام في هذا الفصل في موضعين : في الأصل أحدهما : [ ص: 331 ] في بيان حكم النكاح ، والثاني : في بيان ما يرفع حكمه أما الأول ، فالنكاح لا يخلو ( إما ) أن يكون صحيحا ( وإما ) أن يكون فاسدا ، ويتعلق بكل واحد منهما أحكام ( أما ) .

                                                                                                                                النكاح الصحيح ، فله أحكام بعضها أصلي ، وبعضها من التوابع ، أما الأصلية منها ، فحل الوطء إلا في حالة الحيض والنفاس والإحرام وفي الظهار قبل التكفير لقوله سبحانه ، وتعالى { ، والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } نفى اللوم عمن لا يحفظ فرجه على زوجته فدل على حل الوطء إلا أن الوطء في حالة الحيض خص بقوله عز وجل { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } ، والنفاس أخو الحيض ، وقوله عز وجل { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } .

                                                                                                                                والإنسان بسبيل من التصرف في حرثه مع ما أنه قد أباح إتيان الحرث بقوله عز وجل { ، فأتوا حرثكم أنى شئتم } ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { اتقوا الله في النساء ، فإنهن عندكم عوان لا يملكن شيئا اتخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله } ، وكلمة الله المذكورة في كتابه العزيز لفظة الإنكاح والتزويج ، فدل الحديث على حل الاستمتاع بالنساء بلفظة الإنكاح والتزويج ، وغيرهما في معناهما ، فكان الحل ثابتا ; ولأن النكاح ضم وتزويج لغة ، فيقتضي الانضمام ، والازدواج ، ولا يتحقق ذلك إلا بحل الوطء والاستمتاع ; لأن الحرية تمنع من ذلك ، وهذا الحكم وهو حل الاستمتاع مشترك بين الزوجين ، فإن المرأة كما تحل لزوجها ، فزوجها يحل لها قال عز وجل : { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } ، وللزوج أن يطالبها بالوطء متى شاء إلا عند اعتراض أسباب مانعة من الوطء كالحيض والنفاس والظهار والإحرام وغير ذلك ، وللزوجة أن تطالب زوجها بالوطء ; لأن حله لها حقها كما أن حلها له حقه ، وإذا طالبته يجب على الزوج ، ويجبر عليه في الحكم مرة واحدة والزيادة على ذلك تجب فيما بينه ، وبين الله تعالى من باب حسن المعاشرة واستدامة النكاح ، فلا يجب عليه في الحكم عند بعض أصحابنا ، وعند بعضهم يجب عليه في الحكم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية