الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                " وأما صوم الدين : فالأيام كلها محل له ويجوز في جميع الأيام إلا ستة أيام يومي الفطر ، والأضحى ، وأيام التشريق ، ويوم الشك " أما ما سوى صوم يوم الشك فلورد النهي عنه ، والنهي وإن كان عن غيره ، أو لغيره فلا شك أن ذلك الغير يوجد بوجود الصوم في هذه الأيام ، فأوجب ذلك نقصانا فيه ، والواجب في ذمته صوم كامل فلا يتأدى بالناقص ، وبهذا تبين بطلان أحد قولي الشافعي في صوم المتعة ، إنه يجوز في هذه الأيام لأن النهي عن الصوم في هذه الأيام عام يتناول الصيامات كلها ، فيوجب ذلك نقصانا فيه ، والواجب في ذمته كامل فلا ينوب الناقص عنه .

                                                                                                                                وأما يوم الشك فلأنه يحتمل أن يكون من رمضان ويحتمل أن يكون من شعبان فإن كان من شعبان يكون قضاء ، وإن كان من رمضان لا يكون قضاء ، فلا يكون قضاء مع الشك وهل يصح النذر بصوم يومي [ ص: 80 ] العيد وأيام التشريق ؟ روى محمد عن أبي حنيفة : أنه يصح نذره لكن الأفضل أن يفطر فيها ويصوم في أيام أخر ، ولو صام في هذه الأيام يكون مسيئا ، لكنه يخرج عنه النذر لأنه ، أوجب ناقصا وأداه ناقصا ، وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة : أنه لا يصح نذره ولا يلزمه شيء ، وهكذا روى ابن المبارك عن أبي حنيفة ، وهو قول زفر ، والشافعي ، والمسألة مبنية على جواز صوم هذه الأيام وعدم جوازه ، وقد مرت فيما تقدم ، ولو شرع في صوم هذه الأيام ثم أفسده لا يلزمه القضاء في قول أبي حنيفة ، وعند أبي يوسف ومحمد يلزمه .

                                                                                                                                وجه قولهما : إن الشروع في التطوع سبب الوجوب كالنذر فإذا وجب المضي فيه وجب القضاء بالإفساد ، كما لو شرع في التطوع في سائر الأيام ثم أفسده ، ولأبي حنيفة : أن الشروع ليس سبب الوجوب وضعا ، وإنما الوجوب يثبت ضرورة صيانة للمؤدى عن البطلان ، والمؤدى ههنا لا يجب صيانته لمكان النهي ، فلا يجب المضي فيه ، فلا يضمن بالإفساد ، ولو شرع في الصلاة في أوقات مكروهة فأفسدها ففيه روايتان عن أبي حنيفة في رواية : لا قضاء عليه كما في الصوم وفي رواية : عليه القضاء بخلاف الصوم ، وقد ذكرنا وجوه الفرق في كتاب الصلاة ، .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية