الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم شبه في الحكم وهو وجوب الوضوء دون الغسل قوله ( كمن ) ( جامع ) بأن غيب الحشفة في الفرج ولم يمن ( فاغتسل ) لجماعه ( ثم أمنى ) فإنه يتوضأ ولا يغتسل لتقدم غسله والجنابة الواحدة لا يتكرر لها الغسل ( و ) لو صلى بغسله ثم نزل المني بعدها ( لا يعيد الصلاة ) الموجب الثاني مغيب الحشفة في الفرج وإليه أشار بقوله ( و ) يجب غسل ظاهر الجسد ( بمغيب حشفة ) أي رأس ذكر ( بالغ ) ولو لم ينتشر أو لم ينزل ويجب على المغيب فيه أيضا إن كان بالغا ذكرا أو أنثى [ ص: 129 ] ولو لف عليها خرقة خفيفة لا كثيفة تمنع اللذة ولا إن غيب بعضها ولو ثلثيها ( لا مراهق ) أي مقارب للبلوغ فلا يجب عليه خلافا لبعضهم ولا على موطوءته البالغة ما لم تنزل ( أو ) بمغيب ( قدرها ) أي قدر حشفة البالغ من مقطوعها أو ممن لم تخلق له حشفة وكذا لو ثنى ذكره وأدخل منه قدرها وهل يعتبر طولها لو انفرد واستظهر أو مثنيا ( في فرج ) متعلق بمغيب قبل أو دبر ( وإن ) كان الفرج ( من بهيمة و ) من ( ميت ) آدمي أو غيره بشرط إطاقة ذي الفرج فإن لم يطق فلا غسل ما لم ينزل كما إذا غيب بين الفخذين أو الشفرين أو في هوى الفرج .

التالي السابق


( قوله : بأن غيب الحشفة في الفرج إلخ ) مثل الرجل المذكور المرأة إذا خرج من فرجها ماء الرجل بعد غسلها فإنه يجب عليها الوضوء ولا تعيد الغسل وعبارة المصنف تشمل هذه الصورة لأن قوله ثم أمنى معناه ثم خرج منه المني أعم من أن يكون منيه أو مني غيره ( قوله : ولو صلى ) أي المجامع وقوله بغسله أي بعد غسله .

وحاصله أنه إذا جامع واغتسل قبل خروج منيه وصلى فخرج منيه فإنه وإن وجب عليه الوضوء لا يعيد تلك الصلاة التي صلاها قبل خروج المني ومثل هذا ما إذا التذ بلا جماع وصلى ثم خرج منيه فإنه وإن وجب غسله لكن لا يعيد تلك الصلاة التي صلاها قبل خروج المني ( قوله : وبمغيب حشفة بالغ ) أي ولو من خنثى مشكل إذا غيبها في فرج غيره أو في دبر نفسه وإلا بأن غيبها في فرج نفسه فلا ما لم ينزل واشتراط البلوغ خاص بالآدمي فإذا غيبت امرأة ذكر بهيمة في فرجها وجب الغسل ولا يشترط في البهيمة البلوغ كذا في ابن مرزوق ولو رأت امرأة في اليقظة من جني ما تراه من إنسي من الوطء واللذة أو رأى الرجل في اليقظة أنه جامع جنية قال ابن ناجي الظاهر أنه لا غسل على الرجل ولا على المرأة ما لم يحصل إنزال وقال ح الظاهر أنه لا غسل عليهما ما لم يحصل إنزال أو شك فيه لأن الشك في الإنزال يوجب الغسل واعترضه البدر القرافي بأن الموافق لمذهب أهل السنة من أن الجن لهم حقيقة الاختيالات كما تقول الحكماء وأنهم أجسام نارية لهم قوة التشكل ولقول مالك بجواز نكاح الجن وجوب الغسل على كل من الرجل والمرأة وإن لم يحصل الإنزال ولا شك فيه ووافقه على ذلك تلميذه عج قال شيخنا وهو التحقيق ( قوله : ويجب ) أي الغسل على المغيب فيه أيضا أي كما يجب على المغيب اسم فاعل وقوله إن كان أي المغيب فيه بالغا .

وحاصله أن المغيب إن كان بالغا وجب الغسل عليه وكذا على المغيب فيه إن كان بالغا وإلا وجب على المغيب دون المغيب [ ص: 129 ] فيه فإن كان المغيب غير بالغ لم يجب عليه ولا على من غيب فيه سواء كان بالغا أم لا ما لم ينزل ذلك المغيب فيه وإلا وجب عليه الغسل للإنزال ( قوله : ولو لف إلخ ) مبالغة في قوله ويجب غسل ظاهر الجسد بمغيب حشفة بالغ ( قوله : لا كثيفة تمنع اللذة ) أي وليست الجلدة التي على الحشفة بمثابة الخرقة الكثيفة فيجب معها الغسل بأنه يحصل معها لذة عظيمة بخلاف الخرقة قاله شيخنا ( قوله : ولو ثلثيها ) المبالغة على ذلك تقتضي أنه إذا غيب أكثر من الثلثين يجب الغسل وليس كذلك إذ لا بد في وجوب الغسل من تغييبها بتمامها أو تغييب قدرها قاله شيخنا ( قوله : أي مقارب للبلوغ ) وهو ابن اثنتي عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة قال ابن مرزوق ولو حذف لا مراهق استغناء بمفهوم الوصف وبقوله بعد وندب لمراهق لكان أنسب باختصاره ا هـ وقال شيخنا إنه صرح بقوله لا مراهق وإن كان يعلم مما تقدم للرد على المخالف القائل إن وطأه يوجب الغسل عليه ( قوله : وهل يعتبر ) أي فيما إذا ثنى ذكره وانظر لو خلق ذكره كله بصفة الحشفة هل يراعى قدرها أيضا من المعتاد أو لا بد في إيجاب الغسل من تغييبه كله والظاهر كما قال شيخنا الأول وهو مراعاة قدرها من المعتاد ( قوله : قبل أو دبر ) أي سواء كان دبر نفسه أو دبر غيره ولو كان ذلك الغير خنثى مشكلا وظاهره غيب الحشفة في القبل في محل الافتضاض أو في محل البول وهو كذلك واشترط أبو محمد صالح محل الافتضاض وتعقبه التادلي قائلا إن تغييبها في محل البول قصاراه أنه بمنزلة تغييبها في الدبر وهو موجب للغسل فلو دخل الشخص بتمامه في الفرج فلا نص عندنا وقالت الشافعية إن بدأ في الدخول بذكره اغتسل وإلا فلا كأنهم رأوه كالتغييب في الهواء ويفرض ذلك في الفيلة ودواب البحر الهائلة وما ذكره من أن تغييب الحشفة في الدبر يوجب الغسل هو المشهور من المذهب وفي ح قول شاذ لمالك إن التغييب في الدبر لا يوجب غسلا حيث لا إنزال وللشافعية أنه لا ينقض الوضوء وإن أوجب الغسل فإذا كان متوضئا وغيب الحشفة في الدبر ولم ينزل وغسل ما عدا أعضاء الوضوء أجزأه ( قوله : ومن ميت ) أي ولا يعاد غسل الميت المغيب فيه لعدم التكليف لا يقال إنه غير مكلف حين غسله أولا فلم غسل لأنا نقول غسله أولا تعبد ثم إن قول المصنف وإن من بهيمة وميت في المغيب فيه وأما المغيب فإن كان بهيمة وجب الغسل على موطوءته وإن كان ميتا بأن أدخلت امرأة ذكر ميت في فرجها فلا يجب عليها غسل ما لم تنزل ( قوله : بشرط إطاقة ذي الفرج ) أي سواء كان آدميا أو غيره ( قوله : فإن لم يطق فلا غسل ) أي ذي الحشفة المغيب ( قوله : أو في هوى الفرج ) أي أو في ثقبه بالأولى ولو انسد المخرجان فإنه لا يجب عليه الغسل ما لم ينزل بخلاف تغييبها في محل البول فإنه موجب للغسل على المعتمد كما مر




الخدمات العلمية