الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ درس ] ( فصل ) في بيان أحكام الصداق وهو بفتح الصاد ، وقد تكسر وهو ما يعطى للزوجة في مقابلة الاستمتاع بها ويسمى مهرا ولما كان يشترط فيه شروط الثمن أشار لها المصنف بقوله ( الصداق كالثمن ) [ ص: 294 ] فيشترط أن يكون طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه معلوما لا خمرا وخنزيرا ولا آبقا وثمرة لم يبد صلاحها على التبقية ويغتفر فيه يسير الجهل مما لا يغتفر في الثمن فقوله : كالثمن أي في الجملة بدليل قوله : وإن وقع بقلة خل إلخ وقوله : وجاز بشورة إلخ وقوله أو إلى الميسرة إلخ ومثل لما يجوز صداقا وثمنا بقوله ( كعبد ) من عبيد مملوكة للزوج أو للبائع حاضرة معلومة أو غائبة ووصفت ( تختاره هي ) لأنه داخل على أنها تختار الأحسن ، وكذا المشتري فلا غرر ( لا ) يختاره ( هو ) أي الزوج ، وكذا البائع لحصول الغرر ، إذ لا يتعين أن يختار الأدنى فتأمل .

التالي السابق


( فصل في أحكام الصداق ) .

( قوله : بفتح الصاد ) أي وهو الأفصح .

( قوله : الصداق كالثمن ) لما فرغ من [ ص: 294 ] الكلام على أركان النكاح الثلاثة الولي والأهل والصيغة شرع في الكلام على الركن الرابع وهو الصداق مأخوذ من الصدق ضد الكذب ; لأن دخوله بينهما دليل على صدقهما في موافقة الشرع ومعنى كونه ركنا أنه لا يصح اشتراط إسقاطه لا أنه يشترط تسميته عند العقد فلا يرد أنه يصح نكاح التفويض ولم تقع فيه التسمية .

( قوله : الصداق كالثمن ) أي الصداق في مقابلة البضع كالثمن في مقابلة السلعة فيشترط فيه ما يشترط في الثمن إثباتا ونفيا .

( قوله : لا خمرا ) محترز الطهارة والخنزير محترز الانتفاع به والآبق محترز القدرة على التسليم وقوله : وثمرة إلخ محترز المعلومية وقوله : على التبقية أي وأما الثمرة التي لم يبد صلاحها على الجز فإنه يجوز أن تكون صداقا ، وإن كان لا يجوز بيعها إلا بشروط تأتي .

( قوله : ويغتفر فيه يسير الجهل ) أي لأن الغرر في هذا الباب أوسع من الغرر في البيع .

( قوله : بدليل قوله إلخ ) أي وبدليل أنه إذا أسقط سكة الدنانير أعطيت من السكة الغالبة يوم النكاح فإذا جعل لها عشرة دنانير وأطلق وكان في البلد المحبوب المحمدي والإبراهيمي واليزيدي أخذت العشرة من السكة الغالبة يوم النكاح ، فإن تساوت أخذت من جميعها بنسبة عدد كل فإن كانت سكتان أعطيت من كل سكة نصف صداقها أو ثلاثة فمن كل الثلث كمتزوج برقيق لم يذكر حمرانا ولا سودانا وفي البيع يفسد إن لم يكن غالب .

( قوله : وإن وقع إلخ ) أي أنه إذا أصدقها قلة خل معينة فظهر أنها خمر لزمه مثلها ، أما لو كانت القلة سمنا ، ثم تبين أنها خمر فسد البيع .

( قوله : وجاز بشورة ) أي أنه يجوز نكاح المرأة على أن يعطيها جهاز بيت ولا يجوز أن يشتري سلعة بذلك .

( قوله : كعبد إلخ ) أي أنه أن يجوز أن يقول لها : أتزوجك بعبد تختارينه إذا كان لذلك الزوج عبيد مملوكة له وكانت معينة حاضرة أو غائبة ووصفت كما يجوز أن يقول للمشتري : أبيعك على البت عبدا تختاره أنت بكذا بالشروط المذكورة وقوله : تختاره هي لا هو التفريق بين اختيارها واختياره مقيد بالعدد القليل وهو الثلاثة فأقل وهو مذهب ابن القاسم أما العدد الكثير يختار منه رأس فيجوز اختيارها واختياره كما في البيع ا هـ بن ومثله في البدر القرافي وكان سبب الجواز عند الكثرة أن بكثرة العدد يتسع الأمر وفيه أن بكثرة العدد يكثر الغرر .

( قوله : وكذا المشتري ) أي دخل على أن البائع يختار الأحسن .

( قوله : وكذا البائع ) الأولى وكذا المشتري أي وكذا منع إذا كان يختار المشتري .

( قوله : فلا غرر ) أي قوي وإلا فأصل الغرر حاصل .

( قوله : لا يتعين أن يختار الأدنى ) أي بل يجوز أن يختار الأدنى ويجوز أن يختار الأعلى فجاء الغرر ، وأشار الشارح بالتأمل إلى ما يقال أنه وإن احتمل ذلك لكن الغالب اختياره للأدنى فيكونان داخلين على ذلك كما أن الغالب في المرأة اختيارها للأعلى ، وإن احتمل خلافه والحاصل أن الغرر موجود في كلا الحالتين وكل من اختار منهما فإنما يختار الأحط لنفسه وحينئذ فالتفرقة بينهما لا وجه لها




الخدمات العلمية