الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وفيما فسد غيره ) أي وفي القراض الفاسد غير ما تقدم ( أجرة مثله في الذمة ) أي ذمة رب المال سواء حصل ربح أم لا بخلاف المسائل المتقدمة التي فيها قراض المثل فإنه لا يكون إلا في الربح فإن لم يحصل ربح فلا شيء على ربه ويفرق بينهما أيضا بأن ما وجب فيه قراض المثل إذا عثر عليه في أثناء العمل لا يفسخ بل يتمادى فيه كالمساقاة بخلاف ما وجب فيه أجرة المثل فإنه يفسخ متى عثر عليه وله أجرة فيما عمله ثم أخذ في بيان ما يرد العامل فيه لأجرة المثل بقوله ( كاشتراط يده ) مع العامل في البيع والشراء والأخذ والعطاء فيما يتعلق بالقراض ففاسد لما فيه من التحجير عليه ويرد فيه العامل لأجرة مثله ( أو مراجعته ) أي مشاورته عند البيع والشراء بحيث لا يعمل عملا فيه إلا بإذنه ( أو ) اشترط ( أمينا عليه ) أي على العامل وإنما رد إلى أجرة [ ص: 521 ] مثله ; لأنه لما لم يأتمنه أشبه الأجير ( بخلاف ) اشتراط رب المال عمل ( غلام غير عين ) أي غير رقيب على العامل ( بنصيب له ) أي للغلام من الربح فيجوز وأولى بغير نصيب أصلا احترازا من جعل النصيب للسيد أي أنه إن كان نصيب فللغلام لا لسيده وإلا فسد ورد لأجرة مثله فالشرط أن لا يكون الغلام رقيبا وأن لا يكون بنصيب للسيد ( وكأن ) يشترط على العامل أن ( يخيط ) ثياب التجارة ( أو يخرز ) جلودها أي الجلود المشتراة لها ( أو ) يشترط عليه أن ( يشارك ) غيره في مال القراض ( أو يخلط ) المال بماله أو بمال قراض عنده فلا يجوز وله أجرة مثله ( أو ) اشترط عليه في العقد أن ( يبضع ) بمال القراض أي يرسله أو بعضه مع غيره ليشتري به ما يتجر العامل به فيمنع وفيه أجرة مثله فإن لم يشترط عليه لم يجز له الإبضاع إلا بإذن رب المال وإلا ضمن

التالي السابق


( قوله وفيما فسد ) خبر مقدم وما موصولة صلتها جملة فسد وغيره حال من الضمير في الصلة وأجرة مثله مبتدأ مؤخر وستأتي أمثلته في قوله كاشتراط يده إلخ ( قوله ويفرق بينهما ) أي بين ما فيه قراض المثل وأجرة المثل وقوله أيضا أي كما فرق بما تقدم ( قوله بأن ما وجب فيه قراض المثل ) أي كما في المسائل المتقدمة ( قوله بل يتمادى فيه ) أي حتى يبيع ما اشتراه فقط كما هو صريح كلام ابن رشد وليس المراد أنه يتمادى ولو بعد نضوض المال ( قوله فإنه يفسخ متى عثر عليه ) أي ولا يمكن العامل من التمادي على العمل ( قوله في بيان ما يرد ) أي في بيان المسائل التي يرد إلخ ( قوله كاشتراط يده ) أي كأن يشترط رب المال يده مع العامل أو يشترط العامل على رب المال عمل يده مع العامل كما في عبق ( قوله أي مشاورته ) أي رب المال ( قوله بحيث لا يعمل عملا فيه ) أي فيكون القراض فاسدا ويرد العامل لأجرة المثل ولا يعطى الجزء الذي سمي له حال العقد ( قوله أو أمينا ) هو بالنصب عطفا على محل مراجعته كما أشار له الشارح بتقدير [ ص: 521 ] اشترط ( قوله ; لأنه لما لم يأتمنه ) أي ; لأن رب المال لما لم يأتمن على مال القراض وجعل عليه أمينا صار العامل شبيها بالأجير ( قوله بخلاف غلام إلخ ) أي فيجوز بالشرطين الآتيين ( قوله غير رقيب ) أي غير جاسوس يتطلع على ما يفعله العامل في المال ويخبر به ربه ( قوله فالشرط إلخ ) قال بعضهم : وبقي للجواز شرط ثالث ، وهو أن لا يقصد رب المال بذلك تعليم الغلام وإلا فسد القراض وكأن المصنف لم يعتبر هذا الشرط فلم يذكره أو أنه اعتبره وأدخله في مسائل اشتراط زيادة على العامل ; لأن تعليم الغلام زيادة عمل عليه ( قوله وكأن يخيط ) عطف على قوله كاشتراط يده فيكون القراض فاسدا ويرد العامل لأجرة المثل ( قوله أو يشترط عليه أن يشارك إلخ ) أي اشتراط ذلك عليه في حال العقد .

وأما وقوع ذلك بعد العقد فجائز كما سيأتي أن له أن يشارك بالإذن ( قوله أو يخلط ) أي أو شرط عليه رب المال أن يخلط المال بماله فإن وقع وخسر المالان فض الخسر عليهما بقدر كل وللعامل على رب المال أجرة مثله فيما عمله في مال القراض سواء حصل ربح أو خسر أو لم يحصل واحد منهما ويقبل قوله في الخسر والتلف وفي قدر ما تلف بيمينه كما أفتى به عج ( قوله إلا بإذن رب المال ) أي بعد العقد ( قوله وإلا ضمن ) أي خسره وتلفه فإن أبضع بغير إذن رب المال وربح فإن كان الإبضاع بأجرة للمبضع معه فهي في ذمة العامل ، وإن كانت الأجرة أكثر من حظ العامل من الربح حسب للعامل حظ من الربح يدفعه فيما عليه من الأجرة وغرم العامل الزائد ، وإن كانت أجرة المبضع معه أقل من حظ العامل لم يلزم رب المال غير أجرة المبضع معه ; لأن العامل لم يعمل شيئا ، وإن عمل المبضع معه بغير أجرة فللعامل الأول الأقل من حظه وأجرة مثل المبضع معه أن لو استأجره ; لأنه لم يتطوع إلا للعامل وذو المال رضي أن يعمل له فيه بعوض




الخدمات العلمية