الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) .

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنهم اختلفوا في الضمير في قوله : ( لهم ) على ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنه عائد على ( من ) في قوله : ( من يتخذ من دون الله أندادا ) [ البقرة : 165 ] وهم مشركو العرب ، وقد سبق ذكرهم .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : يعود على ( الناس ) في قوله : ( أيها الناس ) فعدل عن المخاطبة إلى المغايبة على طريق الالتفات مبالغة في بيان ضلالهم ، كأنه يقول للعقلاء : انظروا إلى هؤلاء الحمقى ماذا يقولون .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قال ابن عباس : نزلت في اليهود ، وذلك حين دعاهم رسول الله إلى الإسلام ، فقالوا : نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ، فهم كانوا خيرا منا ، وأعلم منا ، فعلى هذا الآية مستأنفة ، والكناية في ( لهم ) تعود إلى غير مذكور ، إلا أن الضمير قد يعود على المعلوم ، كما يعود على المذكور ، ثم حكى الله تعالى عنهم أنهم قالوا : ( بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ) وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : الكسائي يدغم لام " هل " و " بل " في ثمانية أحرف : التاء كقوله : ( بل تؤثرون ) [ الأعلى : 16 ] والنون ( بل نتبع ) والثاء ( هل ثوب ) [ المطففين : 36 ] والسين ( بل سولت ) [ يوسف : 18 ] والزاي ( بل زين ) [ الرعد : 33 ] والضاد ( بل ضلوا ) [ الأحقاف : 28 ] والظاء ( بل ظننتم ) والطاء ( بل طبع ) [ النساء : 155 ] وأكثر القراء على الإظهار ، ومنهم من يوافقه في البعض ، والإظهار هو الأصل .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : ( ألفينا ) بمعنى وجدنا ، بدليل قوله تعالى في آية أخرى : ( بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ) [ لقمان : 21 ] ويدل عليه أيضا قوله تعالى : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) [ يوسف : 25 ] وقوله : ( إنهم ألفوا ) [ ص: 7 ] ( آباءهم ضالين ) [ الصافات : 69 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية