الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف : - رحمه الله تعالى - ( وإلى الله الكريم أرغب ( وإياه أسأل ) أن يوفقني فيه لمرضاته ، وأن ينفع به في الدنيا والآخرة إنه قريب مجيب وعلى ما يشاء قدير ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبي ونعم الوكيل )

                                      التالي السابق


                                      " الشرح " أما الكريم في أسماء الله تعالى فذكر إمام الحرمين في الإرشاد ثلاثة مذاهب في معناه فقال : معناه المفضل ، وقيل العفو وقيل العلي ، [ ص: 122 ] قال وكل نفيس كريم ، وقوله : يوفقني تقدم بيانه ، وقوله : وأن ينفع به ، هذا مما يرغبك في المذهب وهو دعاء هذا العبد الصالح ، وقد سبق في بيان أحواله أنه كان مجاب الدعوة .

                                      والدنيا اسم لهذه الدار وما فيها سميت به لدنوها وقربها ، وينسب إليها دنياوي ودنيوي ، قال الجوهري : ودنيي . وقوله : إنه قريب مجيب ، اقتداء بصالح في قوله { إن ربي قريب مجيب } وتأدبا بقول الله تعالى { فإني قريب أجيب دعوة الداع } قالوا : ومعنى قريب أي بالعلم كما في قوله تعالى { وهو معكم } وقوله : وهو حسبي أي الذي يكفيني ، والوكيل الحافظ وقيل الموكول إليه تدبير خلقه ، وقيل القائم بمصالحهم .

                                      قال أبو جعفر النحاس : قول الإنسان وحسبي الله أحسن من قوله وحسبنا الله لما في الثاني من التعظيم ، قال تعالى : { فإن تولوا فقل حسبي الله } قال : وفي الإتيان بالواو في قولك وحسبي الله أو وحسبنا الله : إعلام بأنك لم تضرب . عن الكلام الأول قال : ولو حذفتها جاز ; لأن المعنى معروف . واعلم : أنه يستحب لكل أحد في كل موطن قول حسبي الله ، قال الله تعالى : { فإن تولوا فقل حسبي الله } وقال تعالى { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } الآية ، وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار ، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فزادهم إيمانا ، وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، وفي البخاري عن ابن عباس أيضا قال : كان آخر قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل .

                                      واقتدى المصنف وغيره من العلماء في كتبهم وغيرها بهذا ، وختموا كلامهم بحسبي الله ونعم الوكيل .




                                      الخدمات العلمية