الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وأما البيع [ فينظر فيه ] فإن كان قبل الزوال لم يكره ، وإن كان بعده وقبل ظهور الإمام كره ، فإن ظهر الإمام وأذن المؤذن حرم لقوله تعالى - : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } فإن تبايع رجلان أحدهما من أهل فرض الجمعة والآخر ليس من أهل فرضها أثما جميعا ; لأن أحدهما توجه عليه الفرض فاشتغل عنه ، والآخر شغله عنه ، ولا يبطل البيع ; لأن النهي لا يختص بالعقد ، فلم يمنع صحته كالصلاة في أرض مغصوبة ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) فيه مسائل : ( إحداها ) : قال الشافعي في الأم والأصحاب : إذا تبايع رجلان ليسا من أهل فرض الجمعة لم يحرم بحال ولم يكره ( الثانية ) : إذا تبايع رجلان من أهل فرضها أو أحدهما من أهل فرضها - فإن كان قبل الزوال - لم يكره ، وإن كان بعده وقبل ظهور الإمام ، أو قبل جلوسه على المنبر وقبل شروع المؤذن في الأذان بين يدي الخطيب ، كره كراهة تنزيه ، وإن كان بعد جلوسه على المنبر وشروع المؤذن في الأذان حرم البيع على المتبايعين جميعا ، سواء كانا من أهل الفرض أو أحدهما ، ولا يبطل البيع ، ودليل الجميع في الكتاب ، وقال البندنيجي وصاحب العدة : إذا كان أحدهما من أهل الفرض دون الآخر حرم على صاحب الفرض ، وكره للآخر ، ولا يحرم ، وهذا شاذ باطل ، والصواب : الجزم بالتحريم عليهما ، نص عليه الشافعي في الأم ، واتفق الأصحاب عليه ، ودليله في الكتاب .

                                      قال أصحابنا : ويحصل التحريم بمجرد شروع المؤذن في الأذان لظاهر الآية الكريمة ، فإن أذن قبل جلوسه على المنبر كره البيع ، ولم يحرم ، نص [ ص: 367 ] عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب ، ونقله ابن الصباغ عن النص ، وصرح به أيضا المتولي وآخرون ، وحيث حرمنا البيع فهو في حق من جلس له في غير المسجد .

                                      أما إذا سمع النداء فقام في الحال قاصدا الجمعة ، فتبايع في طريقه وهو يمشي ولم يقف ، أو قعد في الجامع فباع فلا يحرم لكنه يكره ، صرح به المتولي وغيره وهو ظاهر ; لأن المقصود أن لا يتأخر عن السعي إلى الجمعة .

                                      ( الثالثة ) : حيث حرمنا البيع حرمت عليه العقود والصنايع وكل ما فيه تشاغل عن السعي إلى الجمعة ، وهذا متفق عليه ، وممن صرح به الشيخ في تهذيبه ولا يزال التحريم حتى يفرغوا من الجمعة .

                                      ( فرع ) في مذاهب العلماء إذا تبايعا بيعا محرما بعد النداء مذهبنا صحته ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه . وقال أحمد وداود في رواية عنه : لا يصح .




                                      الخدمات العلمية