الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء عليه ذكر الله تعالى ، فالمستحب أن ينحيه ، لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : " { كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه } " وإنما وضعه ; لأنه كان عليه محمد رسول الله ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث أنس هذا مشهور ، رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي وغيرهم في كتاب الطهارة ، والترمذي في اللباس ، والنسائي في الزينة وضعفه أبو داود والنسائي والبيهقي ، قال أبو داود : هو منكر ، وإنما يعرف عن أنس " { أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه } " وقال النسائي : هذا الحديث غير محفوظ وخالفهم الترمذي فقال : حديث حسن صحيح غريب . وقوله : " وإنما وضعه " إلى آخره هو من كلام المصنف لا من الحديث ولكنه صحيح ، ففي الصحيحين " { أن نقش خاتمه صلى الله عليه وسلم كان : محمد رسول الله } " ويقال خاتم وخاتم بكسر التاء وفتحها وخاتام وخيتام أربع لغات ، والخلاء بالمد وهو الموضع الخالي ، وقوله : " كان إذا دخل الخلاء " أي أراد الدخول .

                                      ( وأما حكم المسألة ) فاتفق أصحابنا على استحباب تنحية ما فيه ذكر الله تعالى عند إرادة دخول الخلاء ولا تجب التنحية ، وممن صرح بأنه مستحب المصنف وشيخه القاضي أبو الطيب في تعليقه ، والمحاملي في كتبه الثلاثة وابن الصباغ والشيخ نصر المقدسي في كتبه الثلاثة الانتخاب والتهذيب والكافي وآخرون . قال المتولي والرافعي وغيرهما لا فرق في هذا بين أن يكون المكتوب عليه درهما ودينارا أو خاتما أو غير ذلك : وكذا إذا كان معه عوذة ، وهي الحروز المعروفة - استحب أن ينحيه صرح به المتولي وآخرون وألحق الغزالي في الإحياء والوسيط بذكر الله تعالى اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 88 ] وقال إمام الحرمين لا يستصحب شيئا عليه اسم معظم ولم يتعرض الجمهور لغير ذكر الله تعالى . وفي اختصاص هذا الأدب بالبنيان وجهان ، قال الشيخ أبو حامد في تعليقه يختص ، وقطع الجمهور بأنه يشترك فيه البنان والصحراء وهو ظاهر كلام المصنف وصرح به المحاملي وغيره وإذا كان معه خاتم ، فقد قلنا ينزعه قبل الدخول فلو لم ينزعه سهوا أو عمدا ودخل فقيل : يضم عليه كفه لئلا يظهر . قال ابن المنذر : إن لم ينزعه جعل فصه مما يلي بطن كفه ، وحكى ابن المنذر عن جماعة من التابعين ابن المسيب والحسن وابن سيرين ، الترخيص في استصحابه ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية