الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل القسم الثاني من الشروط في النكاح ( فاسد وهو نوعان أحدهما ما يبطل النكاح ، وهو أربعة أشياء أحدهانكاح الشغار ) بكسر الشين ، قيل سمي به لقبحه تشبيها برفع الكلب رجله ليبول وقيل : [ ص: 93 ] هو الرفع كأن كل واحد يرفع رجله للآخر عما يريد وقيل : هو البعد كأنه بعد عن طريق الحق .

                                                                                                                      وقال الشيخ تقي الدين : الأظهر أنه من الخلو يقال : شغر المكان إذا خلا ومكان شاغر أي خال وشغر الكلب إذا رفع رجله لأنه أخلى ذلك المكان من رجله ، وقد فسره الإمام : بأنه فرج بفرج فالفروج لا تورث ولا توهب فلئلا تعاوض ببضع أولى ( وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما ) أي ( سكتا عنه أو شرطا نفيه ولو لم يقل وبضع كل واحدة منهما مهر الأخرى وكذا لو جعلا بضع كل واحدة ودراهم معلومة مهرا للأخرى ) ولا تختلف الرواية عن أحمد أن نكاح الشغار فاسد .

                                                                                                                      قال وروي عن عمر وزيد بن ثابت أنهما فرقا فيه ، أي بين المتناكحين لما روى ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق } متفق عليه وروى أبو هريرة مثله أخرجه مسلم .

                                                                                                                      وروى عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام } رواه الأثرم ولأنه جعل كل واحد من العقدين سلفا في الآخر فلم يصح كما لو قال : بعني ثوبك على أن أبيعك ثوبي وليس فساده من قبل التسمية ، بل من جهة أنه وافقه على شرط فاسد ولأنه شرط تمليك البضع لغير الزوج ، فإنه جعل تزويجه إياها مهرا للأخرى ، فكأنه ملكه إياها بشرط انتزاعها منه .

                                                                                                                      ( فإن سموا ) لكل واحدة منهما ( مهرا كأن يقول : زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ومهر كل واحدة مائة أو ) قال أحدهما ( ومهر ابنتي مائة ومهر ابنتك خمسون أو أقل ) منها ( أو أكثر صح ) العقد عليها ( بالمسمى نصا ) قال في المجرد والفصول في المثال المذكور : المنصوص عن أحمد أن النكاح صحيح وقال الخرقي : باطل قالا .

                                                                                                                      والصحيح الأول لأنه لما لم يحصل في هذا العقد تشريك وإنما حصل فيه شرط فبطل الشرط وصح قال الشيخ تقي الدين : وفيه مخالفة للأصول من أربعة وجوه وذكرتها في الحاشية .

                                                                                                                      ومحل الصحة ( إن كان ) المسمى لكل واحدة منهما ( مستقلا ) عن بضع الأخرى فإن جعل المسمى دراهم وبضع الأخرى لم يصح كما تقدم ومحل الصحة أيضا إن كان ( غير قليل حيلة ) سواء كان مهر المثل أو أقل فإن كان قليلا حيلة لم يصح لما تقدم في بطلان الحيل على تحليل محرم وظاهره إن كان كثيرا صح ولو حيلة وعبارة [ ص: 94 ] المنتهى تبعا للتنقيح تقتضي فساده .

                                                                                                                      واعترضه المصنف في حاشية التنقيح كما أوضحته في حاشية المنتهى ( ولو سمى ) المهر ( لإحداهما ولم يسم للأخرى صح نكاح من سمي لها ) لأن في نكاح المسمى لها تسمية وشرطا فأشبه ما لو سمي لكل واحدة منهما مهر .

                                                                                                                      " فائدة " .

                                                                                                                      لو قال زوجتك جاريتي هذه على أن تزوجني ابنتك وتكون رقبتها صداقا لابنتك لم يصح تزويج الجارية في قياس المذهب لأنه لم يجعل لها صداقا سوى تزويج ابنته وإذا زوجه ابنته على أن يجعل رقبة الجارية صداقا لها صح لأن الجارية تصلح أن تكون صداقا .

                                                                                                                      وإن زوج عبده امرأة وجعل رقبته صداقا لم يصح الصداق لأن ملك المرأة زوجها يمنع صحة النكاح فيفسد الصداق ويصح النكاح ويجب مهر المثل قاله في الشرح .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية