الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( وليس الغسل بواجب يوم الجمعة ، ولكنه سنة ) إلا على قول مالك رحمه الله تعالى ، وحجته ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، أو قال حق } .

( ولنا ) حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من توضأ يوم الجمعة فبها ، ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل } .

ولما دخل عثمان رضي الله تعالى عنه المسجد يوم الجمعة وعمر رضي الله عنه يخطب فقال أية ساعة المجيء هذه ، قال : ما زدت بعد أن سمعت النداء على أن توضأت فقال ، والوضوء أيضا ، وقد { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالاغتسال في هذا اليوم } ، ثم لم يأمره بالانصراف فدل أنه ليس بواجب .

وتأويل الحديث مروي عن عائشة وابن عباس رضي الله تعالى عنهما قالا : كان الناس عمال أنفسهم ، وكانوا يلبسون الصوف ، ويعرقون فيه ، والمسجد قريب السمك فكان يتأذى بعضهم برائحة البعض فأمروا بالاغتسال لهذا ، ثم انتسخ هذا حين لبسوا غير الصوف ، وتركوا العمل بأيديهم ، واختلف أبو يوسف والحسن بن زياد - رحمهما الله تعالى - أن الاغتسال يوم الجمعة لليوم أم للصلاة فقال الحسن رحمه الله تعالى لليوم ، وإظهارا لفضيلته كما قال صلى الله عليه وسلم { سيد الأيام يوم الجمعة } ، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى للصلاة ; لأنها مؤداة بجمع عظيم فلها من الفضيلة ما ليس لغيرها ، وفائدة هذا [ ص: 90 ] الاختلاف فيما إذا اغتسل يوم الجمعة ، ثم أحدث فتوضأ ، وصلى الجمعة . عند أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يكون مقيما للسنة ، وعند الحسن رحمه الله يكون

والاغتسال في الحاصل أحد عشر نوعا . خمسة منها فريضة . الاغتسال من التقاء الختانين ، ومن إنزال الماء ، ومن الاحتلام ، ومن الحيض ، والنفاس ، وأربعة منها سنة . الاغتسال يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، وعند الإحرام ، وفي العيدين . وواحد واجب ، وهو غسل الميت ، وآخر مستحب ، وهو الكافر إذا أسلم فإنه يستحب له أن يغتسل به { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاءه يريد الإسلام } ، وهذا إذا لم يكن جنبا فإن أجنب ، ولم يغتسل حتى أسلم فقد قال بعض مشايخنا : لا يلزمه الغسل ; لأن الكفار لا يخاطبون بالشرائع ، والأصح أنه يلزمه ; لأن بقاء صفة الجنابة بعد إسلامه كبقاء صفة الحدث في وجوب الوضوء به ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية