الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. وإذا طبخ في الخمر ريحان يقال : له سوسن حتى يأخذ ريحها ثم يباع لا يحل لأحد أن يدهن ، أو يتطيب به ; لأنه عين الخمر ، وإن تكلفوا لإذهاب رائحته برائحة شيء آخر غلب عليها ، والانتفاع بالخمر حرام قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرا بقوله عليه الصلاة والسلام { : لعن الله في الخمر عشرا } ، وقال في الجملة من ينتفع بها ، ولا تمتشط المرأة بالخمر في الحمام ; لأنها في خطاب تحريم الشرب كالرجل ، وكذلك في وجوب الحد عليها عند الشرب ، فكذلك في الانتفاع بها من حيث الامتشاط ، وذلك شيء يصنعه بعض النساء ; لأنه يزيد في ترنيق الشعر ، وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تنهى النساء عن ذلك أشد النهي ، وكذلك لا يحل أن يسقى الصبيان الخمر للدواء ، وغير ذلك ، والإثم على من يسقيهم ; لأن الإثم ينبني على الخطاب ، والصبي غير مخاطب ، ولكن من يسقيه مخاطب ، فهو الآثم ، والأصل فيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن أولادكم ولدوا على الفطرة ، فلا تداووهم بالخمر ، ولا تغذوهم بها ، فإن الله تعالى لم يجعل في رجس شفاء ، وإنما الإثم على من سقاهم ، ويكره للرجل أن يداوي بها جرحا في بدنه ، أو يداوي بها دابته ; لأنه نوع انتفاع بالخمر والانتفاع بالخمر محرم شرعا من كل وجه ، ثم الضرورة لا تتحقق لما بينا أنه لا بد أن يوجد غير ذلك من الحلال ما يعمل عمله في المداواة . .

التالي السابق


الخدمات العلمية