الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن أن لا ينقص ) بفتح أوله متعديا فضمير الفاعل للمتطهر وقاصرا فالماء هو الفاعل وهو ما نقل عن خطه ( ماء الوضوء عن مد ) وهو رطل وثلث ( و ) ماء ( الغسل عن صاع ) وهو خمسة أرطال وثلث تقريبا فيهما للاتباع ومحله فيمن بدنه قريب من اعتدال بدنه صلى الله عليه وسلم ونعومته وإلا زيد ونقص لائق به وقضية عبارتهما من ندب عدم النقص لمن بدنه كذلك أنه لا يسن له ترك زيادة لا سرف فيها والأوجه ما أخذه ابن الرفعة من كلامهم .

                                                                                                                              والخبر أنه يندب له الاقتصار عليهما أي إلا لحاجة كتيقن كمال الإتيان بجميع المطلوبات وزعم غيره أن كلامهم يشعر بندب زيادة لا سرف فيها ؛ لأن مندوباتهما لا تتأتى إلا بها قطعا ممنوع ( ولا حد له ) أي لمائهما فلو نقص عما ذكر وأسبغ كفى وفي خبر حسن { أنه صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي مد } ويسن أن لا يغتسل لجنابة أو غيرها وأن لا يتوضأ لحدث أو غيره على الأوجه [ ص: 284 ] في راكد لم يستبحر كنابع من عين غير جار ؛ لأنه قد يقذره وأن يؤخر من أجنب بخروج المني غسله عن بوله لئلا يخرج معه فضلة منيه فيبطل غسله قال بعض الحفاظ وأن يخط من يغتسل في فلاة ولم يجد ما يستتر به خطا كالدارة ثم يسمي الله ويغتسل فيها وأن لا يغتسل نصف النهار ولا عند العتمة وأن لا يدخل الماء إلا بمئزره فإن أراد إلقاءه فبعد أن يستر الماء عورته ا هـ وكأنه اعتمد في غير الأخير على ما رآه كافيا في ندب ذلك .

                                                                                                                              وإن لم يذكروه وفيه ما فيه وأن لا يزيل ذو حدث أكبر قبله شيئا من بدنه ولو نحو دم قال الغزالي لأن أجزاءه تعود إليه في الآخرة بوصف الجنابة ويقال إن كل شعرة تطالبه بجنابتها وأن يغسل كحائض أو نفساء انقطع دمها فرجه ويتوضأ إن وجد الماء وإلا تيمم ويحصل أصل السنة بغسل الفرج إن أراد نحو جماع أو نوم أو أكل أو شرب وإلا كره وينبغي أن يلحق بهذه الأربعة إرادة الذكر أخذا من تيممه صلى الله عليه وسلم لرد سلام من سلم عليه جنبا والقصد به في غير الأول تخفيف الحدث فينتقض به وفيه زيادة النشاط للعود فلا ينتقض به وهو كوضوء التجديد والوضوء لنحو القراءة فلا بد فيه من نية معتبرة ويجوز الغسل عاريا قال جمع [ ص: 285 ] لا الوضوء عقبه ويرد بأن محله إذا لم يحتج له وإلا كخوف رشاش يلحق ثوبه جاز لما يأتي من حل التعري في الخلوة لأدنى غرض وأفتى بعضهم بحرمة جماع من تنجس ذكره قبل غسله أي إن وجد الماء وينبغي تخصيصه بغير السلس لتصريحهم بحل وطء المستحاضة مع جريان دمها وغير من يعلم من عادته أن الماء يفتره عن جماع يحتاج إليه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لحدث أو غيره ) كأنه إشارة إلى مخالفة ما في شرح الروض حيث قال قال في المجموع قال في البيان والوضوء فيه كالغسل ا هـ وهو محمول على وضوء الجنب ا هـ ثم رأيته في شرح العباب صرح برد ما في شرح الروض من غير عزو إليه حيث قال وفي المجموع عن البيان أن الوضوء فيه كالغسل وحمل على وضوء الجنب وسبب كراهة ذلك اختلاف العلماء في طهوريته مع أن الأعضاء لا تخلو غالبا عن الأعراق والأوساخ فربما يورثه استقذارا وقضية ذلك بقاء كلام [ ص: 284 ] البيان على عمومه وهو ما أفهمه كلام المجموع لأن وضوء المحدث يتأتى فيه سبب الكراهة المذكور وحينئذ فلا وجه للحمل المذكور إلى آخر ما أطال به ( قوله في راكد ) شامل للمسبل وغيره وظاهره أنه لا فرق في الكراهة بين من نظف جسده قبل الاغتسال أو الوضوء بحيث لم يبق به قذر وغيره ، وقد يوجه بأن من شأن النفس أن تعاف الماء بعد الوضوء أو الغسل منه وإن سبق التنظيف المذكور ( قوله لأن أجزاءه تعود إلخ ) [ ص: 285 ] ظاهر هذا الصنيع أن الأجزاء المنفصلة قبل الاغتسال لا ترتفع جنابتها بغسلها .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بفتح أوله ) إلى قوله وقضية إلخ في النهاية ( قوله بفتح أوله ) أي وضم القاف مخففة ويجوز ضم الياء مع كسر القاف مشددا ع ش ( قوله متعديا إلخ ) وهذا أولى ؛ لأن نسبة النقص إلى المتطهر أولى شوبري ( قوله فضمير الفاعل إلخ ) أي وماء الوضوء منصوب على أنه مفعول نهاية ( قوله وهو إلخ ) أي رفع الماء نهاية ( قوله وهو رطل ) إلى قوله أي إلا في المغني ( قوله رطل وثلث ) أي بغدادي نهاية وبالمصري رطل تقريبا ع ش ( قوله تقريبا فيهما ) أي في المد والصاع ( قوله ومحله ) أي محل سن عدم النقص عما ذكر ( قوله من ندب إلخ ) بيان لعبارتهما ( قوله كذلك ) أي قريب من بدنه صلى الله عليه وسلم اعتدالا ونعومة ( قوله والأوجه إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله من كلامهم ) أي الأصحاب مغني ( قوله إلا لحاجة إلخ ) وتكره الزيادة على الثلاث وصب ماء يزيد على ما يكفيه عادة في كل مرة ولو الأولى ما لم يعرض له وسوسة أو شك في تيقن الطهارة أو في عدد ما أتى به وقد يقع للإنسان أنه إذا توضأ من ماء قليل أو مملوك له دبره فيكفيه القليل من ذلك وأنه إذا تطهر من مسبل أو ملك غيره بإذنه كالحمامات بالغ في مقدار الغرفة وأكثر من الغرفات والظاهر أن ذلك لا يحرم حيث كان استعماله لغرض صحيح كالاستظهار في الطهارة ع ش ( قوله وزعم غيره ) أي غير ابن الرفعة ( قوله أي لمائهما ) إلى قوله وفي خبر في النهاية وإلى قوله قال في المغني إلا قوله أو غيره على الأوجه ( قوله أو غيره على الأوجه ) أي [ ص: 284 ] خلافا للأسنى والمغني عبارته قال في المجموع قال في البيان والوضوء فيه كالغسل ا هـ وهو محمول كما قال شيخنا على وضوء الجنب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في راكد ) شامل للمسبل وغيره وظاهره أنه لا فرق بين من نظف جسده قبل الاغتسال أو الوضوء بحيث لم يبق به قذر وغيره وقد يوجه بأن من شأن النفس أن تعاف الماء بعد الوضوء أو الغسل منه وإن سبق التنظيف المذكور سم ( قوله لأنه قد يقذره ) عبارة المغني والإيعاب وإنما كره ذلك لاختلاف العلماء في طهورية ذلك الماء أو لشبهه بالماء المضاف إلى شيء لازم كماء الورد فيقال ماء عرق أو وسخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيبطل غسله ) يعني فيحتاج إلى غسل آخر ( قوله كالدارة ) أي الدائرة ( قوله ولا عند العتمة ) وهي ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق قاموس عبارة النهاية ويكره أن يدخله أي الحمام قبل المغرب وبين العشاءين لأنه وقت انتشار الشياطين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله انتهى ) أي قول بعض الحفاظ و ( قوله وكان إلخ ) أي ذلك البعض ( قوله في غير الأخير ) والأخير قوله وأن لا يدخل الماء إلا بمئزره إلخ ( قوله وفيه ما فيه ) قد يتوقف في التنظير فيه حينئذ وكثيرا ما يقع للشارح وغيره أنه يذكر خبرا ثم يرتب عليه الندب مع أنه ليس مصرحا به في كلام الأصحاب بصري ( قوله وأن لا يزيل إلخ ) عبارة النهاية والخطيب قال في الإحياء لا ينبغي أن يحلق أو يقلم أو يستحد أو يخرج دما أو يبين من نفسه جزءا وهو جنب إذ سائر أجزائه إلخ ( قوله لأن أجزاءه إلخ ) ظاهر هذا الصنيع أن الأجزاء المنفصلة قبل الاغتسال لا يرتفع جنابتها بغسلها سم على حج ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله تعود إليه في الآخرة ) هذا مبني على أن العود ليس خاصا بالأجزاء الأصلية وفيه خلاف ، وقال السعد في شرح العقائد النسفية المعاد إنما هو الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر إلى آخره ع ش عبارة البجيرمي فيه نظر ؛ لأن الذي يرد إليه ما مات عليه لا جميع أظفاره التي قلمها في عمره ولا شعره كذلك فراجعه قليوبي وعبارة المدابغي قوله لأن أجزاءه إلخ أي الأصلية فقط كاليد المقطوعة بخلاف نحو الشعر والظفر فإنه يعود إليه منفصلا عن بدنه لتبكيته أي توبيخه حيث أمر بأن لا يزيله حالة الجنابة أو نحوها انتهت ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويقال إن كل شعرة إلخ ) فائدته التوبيخ واللوم يوم القيامة لفاعل ذلك وينبغي أن محل ذلك حيث قصر كأن دخل وقت الصلاة ولم يغتسل وإلا فلا كأن فجأه الموت ع ش ( قوله وأن يغسل ) أي الجنب ( قوله فرجه ) واضح أن محله حيث كان به مقذر ولو طاهرا كالمني وإلا فلا حاجة إليه كما لو أولج بحائل ولم ينزل بصري ( قوله ويتوضأ إلخ ) وكيفية نية الجنب وغيره مما يأتي نويت سنة وضوء الأكل أو النوم مثلا أخذا مما يأتي في الأغسال المسنونة ويظهر أنها تندرج في الوضوء الواجب بالمعنى الآتي في اندراج تحية المسجد في غيرها ا هـ .

                                                                                                                              كردي عن الإيعاب ( قوله إن أراد إلخ ) قيد لكل من غسل الفرج والوضوء والتيمم ( قوله نحو جماع إلخ ) انظر هل أدخل بالنحو مجالسة أهل الصلاح ومطالعة كتب الشرع ومقدماتها وكتابتها ( قوله والقصد به ) أي بالوضوء في غير الأول أي غير الجماع و ( قوله فينتقض به ) أي ذلك الوضوء بالحدث و ( قوله وفيه ) أي في الجماع ( قوله فلا ينتقض به ) أقول وهذا مما يلغز به فيقال لنا وضوء شرعي لا ينتقض بالحدث بصري ( قوله وهو ) أي الوضوء لنحو الجماع إلخ مبتدأ و ( قوله كوضوء التجديد إلخ ) خبره ( قوله ويجوز الغسل عاريا إلخ ) ويباح للرجال دخول الحمام ويجب عليهم غض البصر عما لا يحل لهم النظر إليه وصون عوراتهم عن الكشف بحضرة من لا يحل له النظر إليها أو في غير وقت حاجة كشفها ونهى الغير عن كشف عورته وإن علم عدم امتثاله فقد روي أن الرجل إذا دخل الحمام عاريا لعنه ملكاه ويكره دخوله للنساء بلا عذر ؛ لأن أمرهن مبني على المبالغة في الستر ولما في خروجهن من الفتنة والشر وقد ورد { ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله } والخناثى كالنساء وينبغي لداخله أن يقصد التطهير والتنظيف [ ص: 285 ] لا التنزه والتنعم وتسليم الأجرة قبل دخوله وأن لا يدخله إذا رأى فيه عاريا وأن لا يعجل بدخول البيت الحار حتى يعرق في الأول وأن لا يكثر الكلام وأن يدخل وقت الخلوة أو يتكلف إخلاء الحمام إن قدر عليه وأن يستغفر الله تعالى وبعد خروجه منه يصلي ركعتين ويكره أن يدخله قبيل المغرب وبين العشاءين ويكره للصائم ، وصب الماء البارد على الرأس وشربه عند خروجه منه من حيث الطب وأن يتذكر بحرارته حرارة جهنم ولا يزيد في الماء على قدر الحاجة والعادة ولا بأس بدلك غيره إلا عورة أو مظنة شهوة ولا بقوله لغيره عافاك الله ولا بالمصافحة وينبغي لمن يخالط الناس التنظف بإزالة ريح كريهة وشعر ونحوه واستعمال السواك وحسن الأدب معهم نهاية بأدنى تصرف وأكثر ذلك في المغني قال ع ش قوله م ر وإن علم عدم امتثاله ومعلوم أن النهي عن المنكر والأمر بالمعروف إنما يجبان عند سلامة العاقبة فلو خاف ضررا لم يجب عليه وقوله م ر ولا بالمصافحة وما اعتاده الناس من تقبيل الإنسان يد نفسه بعد المصافحة ينبغي أنه لا بأس به أيضا سيما إذا اعتيد ذلك للتعظيم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لا الوضوء إلخ ) أي عاريا ( قوله ويرد ) أي قول الجمع انظر لم لم يحمل إطلاق الجمع على ما ذكره مع إمكانه ( قوله بأن محله ) أي محل عدم جواز عدم الوضوء عقب الغسل عاريا ( قوله وأفتى ) إلى قوله وغير من يعلم تقدم عن النهاية مثله ( قوله بعضهم ) وهو الشهاب الرملي سم ( قوله بحرمة جماع من تنجس ذكره إلخ ) أي بغير المذي إما به فلا يحرم بل يعفى عن ذلك في حقه بالنسبة للجماع خاصة ؛ لأن غسله يفتره وقد يتكرر ذلك منه فيشق عليه وأما بالنسبة لغير الجماع فلا يعفى عنه فلو أصاب ثوبه شيء من المني المختلط به وجب غسله ثم ما ذكر في المذي لا فرق فيه بين من ابتلي به وغيره فكل من حصل له ذلك كان حكمه ما ذكر وإن ندر خروجه وقضية قول ابن حج وغير من يعلم إلخ أن من اعتاد عدم فتور الذكر بغسله وإن تكرر لا يعفى عن المذي في حقه ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية