الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه ) كل ما حرم نظره منه أو منها متصلا حرم نظره منفصلا كقلامة يد ، أو رجل والفرق مبني على مقابل الصحيح في قوله وكذا وجهها إلخ وشعر امرأة وعانة رجل فتجب مواراتهما والمنازعة في هذين بأن الإجماع الفعلي بإلقائهما في الحمامات والنظر إليهما يرد ذلك قدمت في مبحث الانتفاع بالشارع في إحياء الموات ما يرده فراجعه .

                                                                                                                              قال القاضي [ ص: 208 ] وكدم فصد مثلا وما قيل ما لم يتميز بشكله كشعر ينبغي حله غفلة عما في الروضة فإنه نقل ذلك احتمالا للإمام ثم ضعفه بأنه لا أثر للتميز مع العلم بأنه جزء ممن يحرم نظره وتحرم مضاجعة رجلين ، أو امرأتين عاريين في ثوب واحد ، وإن لم يتماسا وبحث استثناء الأب أو الأم لخبر صحيح فيه بعيد جدا وبفرض دلالة الخبر لذلك يتعين تأويله بما إذا تباعدا بحيث أمن تماس وريبة قطعا وإذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين وجب التفريق بينه وبين أمه وأبيه وأخته وأخيه كذا قالاه واعترضا بالنسبة للأب والأم للخبر السابق وقد يوجه ما قالاه بأن ضعف عقل الصغير مع إمكان احتلامه قد يؤدي إلى محظور ولو بالأم وقضية إطلاقهما حرمة تمكينهما من التلاصق ولو مع عدم التجرد ومن التجرد ولو مع البعد وقد جمعهما فراش واحد وليس ببعيد لما قررته ، وإن قال السبكي يجوز مع تباعدهما ، وإن اتحد الفراش ويكره للإنسان نظر فرج نفسه عبثا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله كقلامة يد ، أو رجل ) عبارة الروض كشعر عانة وقلامة ظفر قال في الأنوار ويحرم النظر إلى قلامة رجلها دون قلامة يدها ورجله انتهى ، وهو في المسألة الأولى مبني على الضعيف القائل بأنه لا يحرم نظر وجه الحرة وكفيها إن لم يخف فتنة ، وهو الذي عليه الأكثر لا سيما المتقدمون كما قاله في الروضة لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } ، وهو مفسر بالوجه والكفين لكن عليه يكره وفي الثانية مبني على الضعيف القائل بأن نظر المرأة إلى الرجل جائز إلا ما بين السرة والركبة وقد جزم به في الأنوار قبل ذلك قال ويحرم عليها النظر عند خوف الفتنة مطلقا قدم حر فليواره قال في شرحه وجوبا كما اقتضاه كلام القاضي لئلا ينظر إليه أحد واستبعد الأذرعي الوجوب إلخ ا هـ .

                                                                                                                              وقياس وجوب مواراة قلامة ظفر قدم المرأة لحرمة النظر إليه وجوب مواراة قلامة ظفر الرجل لحرمة نظر المرأة إليها قال في الأنوار ولو أبين شعر الأمة أو ظفرها ثم عتقت لم يحرم النظر إليه ؛ لأن العتق لا يتعدى إلى المنفصل ا هـ ، وهو مبني على أن الأمة لا يحرم النظر إليها إلا بين السرة والركبة منها ، وهو ما جزم به قبل قال وقيل هي كالحرة ولا يخفى أن التقييد بالحرة لا يأتي على الصحيح السابق أن الأمة كالحرة وقد يقال إن وجوب المواراة لا يأتي على جواز خروج النساء سافرات وعلى الرجال غض البصر إلا أن يفرق ( قوله : وشعر امرأة ) ينبغي ، أو رجل بناء على حرمة نظرها إليه قال في الأنوار وشعر عانة الرجل وشبهها يحرم النظر إليه منفصلا ا هـ ثم قال ويجب [ ص: 208 ] على من حلق عانته مواراة شعرها لئلا ينظر إليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكدم فصد مثلا ) هل بول المرأة كدم فصدها فيحرم نظره ، أو لا ويفرق بما يؤخذ من قوله الآتي مع العلم بأنه جزء ممن يحرم نظره فإن البول لا يعد جزءا بخلاف الدم فيه نظر ( قوله : وإن لم يتماسا ) قال في شرح الروض ، وإن كان كل منهما في جانب من الفراش ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبحث استثناء الأب والأم ) نقله في شرح الروض عن السبكي وغيره ثم قال وظاهر أن محله في مباشرة غير العورة وعند الحاجة على أنه يحتمل حمل ذلك على الولد الصغير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبحث استثناء الأب والأم ) أي والكلام مع العري كما هو صريح الصنيع .

                                                                                                                              ( قوله وإذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين إلخ ) ويجوز نومهما في فراش واحد مع عدم التجرد ولو متلاصقين فيما يظهر والممتنع مع التجرد في فراش واحد ، أو إن تباعدا شرح م ر ( قوله عشر سنين ) نازع الزركشي في اعتبار العشر بحديث الدارقطني الصريح في اعتبار البيع وقد أوضح ذلك في شرح الروض ( قوله : وجب التفريق ) أي عند العري كما قاله شيخنا الشهاب الرملي ؛ لأن ذلك معتبر في الأجانب فما بالك بالمحارم لا سيما الآباء والأمهات شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : كل ما حرم نظره ) إلى قوله والمنازعة في المغني وإلى قوله وبحث استثناء الأب في النهاية ( قوله كقلامة يد إلخ ) عبارة المغني كشعر عانة ولو من رجل وقلامة ظفر حرة ولو من يدها ا هـ وعبارة فتح المعين كقلامة يد ، أو رجل وشعر امرأة وعانة رجل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والفرق ) أي بين قلامة ظفر اليد والرجل حيث جاز نظر الأول وحرم نظر الثاني ا هـ ع ش ( قوله وشعر امرأة ) ينبغي ، أو رجل بناء على حرمة نظرها إليه قال في الأنوار وشعر عانة الرجل وشبهها يحرم النظر إليه منفصلا ثم قال ويجب على من حلق عانته مواراة شعرها لئلا ينظر إليه انتهى ا هـ سم ( قوله : فتجب موارتهما ) أي قلامة الظفر وشعر المرأة وعانة الرجل وإطلاق القلامة شامل لقلامة ظفر الرجل وقياس القلامة تعدي ذلك إلى جميع أجزائه حتى شعر الرأس فليراجع ا هـ ع ش أقول وتقدم عن المغني وفتح المعين تقييد القلامة بكونها من ظفر الحرة ( قوله والمنازعة إلخ ) عبارة النهاية والمنازعة إلخ مردودة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والمنازعة إلخ ) اعتمدها المغني عبارته واستبعد الأذرعي الوجوب قال والإجماع الفعلي في الحمامات على طرح ما تناثر من امتشاط شعور النساء وحلق عانات الرجال ا هـ وليس في كلام الشيخين ما يدل على الوجوب والأوجه ما قاله الأذرعي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في هذين ) أي شعر امرأة وعانة رجل ويحتمل أن الضمير للقلامة والشعر ( قوله : يرد ذلك ) خبر أن الإجماع إلخ والإشارة لوجوب المواراة وقوله قدمت إلخ خبر قوله والمنازعة إلخ ( قوله وما قيل إلخ ) أي [ ص: 208 ] تقييد القاعدة كلما حرم نظره إلخ ( قوله كشعر ) عبارة النهاية كفضلة أو شعر ا هـ قال ع ش تعبيره بها أي الفضلة قد يشمل بول المرأة فيحرم نظره لمن علم بأنه بول امرأة وفي كلام سم ما نصه هل بول المرأة كدم فصدها فيحرم نظره أو لا ويفرق بما يؤخذ من كلامه الآتي مع العلم بأنه جزء ممن يحرم نظره فإن البول لا يعد جزءا بخلاف الدم فيه نظر ا هـ أقول الأقرب عدم الحرمة لما علل به ا هـ وأقول الفرق بين البول والغاية تحكم وكذا أن يراد بالفضلة غيرهما تحكم ( قوله ينبغي حله ) خبر لما لم يتميز إلخ وقوله غفلة إلخ خبر وما قيل ( قوله : ويحرم مضاجعة رجلين إلخ ) وكالمضاجعة ما يقع كثيرا في مصرنا من دخول اثنين فأكثر مغطس الحمام فيحرم إن خيف النظر ، أو المس من أحدهما لعورة الآخر ا هـ ع ش ( قوله عاريين إلخ ) ويجوز نومهما في فراش واحد مع عدم التجرد ولو متلاصقين فيما يظهر ويمتنع مع التجرد في فراش واحد ، وإن تباعدا ا هـ نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : وإن لم يتماسا ) عبارة المغني وشرح الروض ، وإن كان كل منهما في جانب من الفراش ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبحث استثناء الأب إلخ ) أي والكلام مع العري كما هو صريح الصنيع ا هـ سم ( قوله لخبر صحيح فيه ) أي في الاستثناء وكذا قوله لذلك ( قوله : بعيد إلخ ) خبر وبحث إلخ ( قوله : وبفرض دلالة الخبر إلخ ) عبارة شرح الروض وظاهر أن محله أي الاستثناء في مباشرة غير العورة وعند الحاجة على أنه يحتمل حمل ذلك أي الخبر على الولد الصغير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإذا بلغ ) إلى قوله وقد يوجه في المغني وإلى قوله وقضية إطلاقهما في النهاية ( قوله : وجب التفريق ) أي عند العري كما قاله شيخنا الشهاب الرملي ؛ لأن ذلك أي العري معتبر في الأجانب فما بالك بالمحارم لا سيما الآباء والأمهات نهاية ومغني ( قوله : واعترضا إلخ ) أقره المغني عبارته ولا دلالة فيه أي الخبر كما قاله السبكي وغيره على التفريق بينهم وبين آبائهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله السابق ) أي في قوله لخبر صحيح فيه ( قوله قد يؤدي إلى محظور إلخ ) ولا ينافي هذا ما تقدم من تقييد الحرمة بالرجلين والمرأتين مع أن ما هنا شامل للأم مع ابنها ؛ لأن التقييد فيما مر لمجرد التصوير لا للاحتراز ا هـ ع ش ( قوله : حرمة تمكينهما ) أي من بلغ عشر سنين ذكرا ، أو أنثى وأمه وأبيه ، أو أخيه أو أخته ( قوله : ولو مع عدم التجرد ) خلافا للنهاية والمغني كما مر آنفا ( قوله ومن التجرد إلخ ) عطف على قوله من التلاصق ( قوله : وليس ببعيد ) أي ما اقتضاه إطلاقهما من حرمة ما ذكر ( قوله : ويكره إلخ ) كذا في النهاية .

                                                                                                                              ( فائدة )

                                                                                                                              أفاد السبكي عن أبي عبد الله بن الحاج وكان رجلا صالحا وعالما أنه كان يذكر أنه يكره النوم في الثياب ، وأن السنة العري عند النوم أي ويتغطى بثيابه ، أو بغيرها وتسن مصافحة الرجلين والمرأتين نعم على ما تقدم من حرمة نظر الأمرد الجميل تحرم مصافحته لما مر أن المس أبلغ من النظر قال العبادي ويكره مصافحة من به عاهة كجذام ، أو برص وتكره المعانقة والتقبيل في الرأس والوجه ولو كان المقبل ، أو المقبل صالحا إلا لقادم من سفر ، أو تباعد لقاء عرفا فهما سنة ويأتي في تقبيل الأمرد ما مر ويسن تقبيل الطفل ولو ولد غيره شفقة ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح ويسن تقبيل يد الحي الصالح ونحوه من الأمور الدينية كعلم وشرف وزهد ويكره ذلك لغناه ، أو نحوه من الأمور الدنيوية كشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا ويكره حتى الظهر [ ص: 209 ] مطلقا لكل أحد من الناس وأما السجود له فحرام ويسن القيام لأهل الفضل من علم ، أو صلاح ، أو شرف ، أو نحو ذلك إكراما لا رياء وتفخيما قال في الروضة وقد ثبت فيه أحاديث صحيحة ا هـ مغني وأكثر ما ذكر في الروض وشرحه مثله




                                                                                                                              الخدمات العلمية