الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي لما أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بإنذار المذكورين لعلهم ينتظمون في سلك المتقين نهي عليه الصلاة والسلام عن كون ذلك بحيث يؤدي إلى طردهم، ويفهم من بعض الروايات أن الآيتين نزلتا معا ولا يفهم ذلك من البعض الآخر فقد أخرج أحمد والطبراني وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : مر الملأ من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا : يا محمد رضيت بهؤلاء من قومك أهؤلاء من الله تعالى عليهم من بيننا أنحن نكون تبعا لهؤلاء اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك فأنزل الله تعالى فيهم القرءان وأنذر به الذين إلى قوله سبحانه : والله أعلم بالظالمين

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل وغيرهم عن خباب رضي الله تعالى عنه قال : جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدا النبي صلى الله عليه وسلم مع بلال وصهيب وعمار وخباب في أناس ضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به، فقالوا : نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا العرب له فضلنا فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا قعودا مع هؤلاء الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت قال : نعم، قالوا : فاكتب لنا عليك بذلك كتابا فدعا بالصحيفة ودعا عليا كرم الله تعالى وجهه ليكتب ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل بهذه الآية ولا تطرد الذين إلخ، ثم دعانا فأتيناه وهو يقول : سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله تعالى: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم إلخ [ ص: 159 ] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا بعد فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم، وأخرج ابن المنذر وغيره عن عكرمة قال : مشى عتبة وشيبة ابنا ربيعة وقرظة بن عبد عمرو بن نوفل والحارث بن عامر بن نوفل ومطعم بن عدي في أشراف الكفار من عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا : لو أن ابن أخيك طرد عنا هؤلاء الأعبد والحلفاء كان أعظم له في صدورنا وأطوع له عندنا وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقه فذكر ذلك أبو طالب للنبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : لو فعلت يا رسول الله حتى ننظر ما يريدون بقولهم : وما يصيرون إليه من أمرهم فأنزل الله سبحانه: وأنذر به إلى قوله سبحانه: أليس الله بأعلم بالشاكرين وكانوا بلالا وعمار بن ياسر وسالما مولى أبي حذيفة وصبيحا مولى أسيد والحلفاء ابن مسعود والمقداد بن عمرو وواقد بن عبد الله الحنظلي وعمرو بن عبد عمرو ومرثد بن أبي مرثد وأشباههم ونزل في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية