الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما كان لكم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 112 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : كان لكم أن تؤذوا رسول الله الآية . قال : نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده . قال سفيان : ذكروا أنها عائشة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رجل : لئن مات محمد لأتزوجن عائشة ، فنزلت : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا يقول : لو توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت فلانة من بعده . فكان ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل القرآن : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا؟ لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده، فنزلت هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة قال : قال طلحة بن عبيد الله : لو قبض النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة ، فنزلت : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 113 ] وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله . قال : نزلت في طلحة بن عبيد الله، لأنه قال : إذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "السنن" عن ابن عباس قال : قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : لو قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة ، أو أم سلمة، فأنزل الله : وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج جويبر عن ابن عباس ، أن رجلا أتى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمها وهو ابن عمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا . فقال : يا رسول الله إنها ابنة عمي، والله ما قلت لها منكرا، ولا قالت لي . قال النبي صلى الله عليه وسلم : قد عرفت ذلك؛ إنه ليس أحد أغير من الله، وإنه ليس أحد أغير مني . فمضى ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمي! لأتزوجنها من بعده . فأنزل الله هذه الآية، فأعتق ذلك الرجل رقبة، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله، وحج ماشيا توبة من كلمته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس قالت : خطبني علي فبلغ ذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أسماء متزوجة عليا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ما كان لها أن تؤذي الله ورسوله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 114 ] وأخرج البيهقي في "السنن" عن حذيفة، أنه قال لامرأته : إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده؛ لأنهن أزواجه في الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في قوله : إن تبدوا شيئا أو تخفوه قال : إن تكلموا به فتقولوا : نتزوج فلانة لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو تخفوا ذلك في أنفسكم فلا تنطقوا به، يعلمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر والبيهقي في "سننه" عن ابن شهاب قال : بلغنا أن العالية بنت ظبيان طلقها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم الله نساءه على الناس، فنكحت ابن عم لها وولدت فيهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : إن تبدوا شيئا قال : مما يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما . يقول : فإن الله يعلمه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية