الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج البخاري ، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية، جاءه نساء مؤمنات، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات حتى بلغ : ولا تمسكوا بعصم الكوافر فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، وأبو داود في «ناسخه» والبيهقي في «السنن» عن مروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة قالا : لما كاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهيل بن عمرو على قضية المدة يوم الحديبية، كان مما اشترط سهيل : أنه لا يأتيك منا أحد، وإن كان على دينك، إلا رددته إلينا، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا جندل بن سهيل، ولم يأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما، ثم جاء المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط [ ص: 414 ] ممن خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها إليهم، حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، بسند ضعيف، عن عبد الله بن أبي أحمد قال : هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في الهدنة، فخرج أخواها عمارة والوليد حتى قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلماه في أم كلثوم أن يردها إليهما، فنقض الله العهد بينه وبين المشركين خاصة في النساء، ومنعهن أن يرددن إلى المشركين، وأنزل الله آية الامتحان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن دريد في «أماليه» : حدثنا أبو الفضل الرياشي، عن ابن أبي رجاء، عن الواقدي قال : فخرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بآيات نزلت فيها، فقالت : كنت أول من هاجر إلى المدينة، فلما قدمت قدم أخي الوليد علي، فنسخ الله العقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين في شأني، ونزلت : فلا ترجعوهن إلى الكفار ثم أنكحني النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة، فقلت : أتزوجني بمولاك؟ فأنزل الله : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم [الأحزاب : 36] ثم قتل زيد، فأرسل إلي الزبير : احبسي علي نفسك، قلت : نعم، فنزلت : ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء [البقرة : 235] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 415 ] وأخرج ابن سعد، عن ابن شهاب قال : كان المشركون قد شرطوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية : إنه من جاء من قبلنا وإن كان على دينك رددته إلينا، ومن جاءنا من قبلك رددناه إليك، فكان يرد إليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه، فلما جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة جاء أخواها يريدان أن يخرجاها ويرداها إليهم، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية، إلى قوله : وليسألوا ما أنفقوا قال : هو الصداق، وإن فاتكم شيء من أزواجكم الآية، قال : هي المرأة تسلم فيرد المسلمون صداقها إلى الكفار، وما طلق المسلمون من نساء الكفار عندهم فعليهم أن يردوا صداقهن إلى المشركين، فإن أمسكوا صداقا من صداق المسلمين مما فارقوا من نساء الكفار أمسك المسلمون صداق المسلمات اللاتي جئن من قبلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن سعد، وابن المنذر ، عن عروة بن الزبير، أنه سئل عن هذه الآية، فكتب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان صالح قريشا يوم الحديبية على أن يرد على قريش من جاء، فلما هاجر النساء أبى الله أن يرددن إلى المشركين، إذا هن امتحن بمحنة الإسلام فعرفوا أنهن إنما جئن رغبة فيه، وأمر برد صدقاتهن إليهم إذا حبسن عنهم، وأنهم يردوا على المسلمين صداق من حبسوا عنهم من نسائهم، ثم قال : ذلكم حكم الله يحكم بينكم فأمسك [ ص: 416 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء ورد الرجال، ولولا الذي حكم الله به من هذا الحكم رد النساء كما رد الرجال، ولولا الهدنة والعهد أمسك النساء ولم يرد لهن صداقا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن قال : سلوهن ما جاء بهن؟ فإن كان جاء بهن غضب على أزواجهن أو غيرة أو سخط ولم يؤمن فأرجعوهن إلى أزواجهن، وإن كن مؤمنات بالله فأمسكوهن، وآتوهن أجورهن من صدقاتهن، وانكحوهن إن شئتم، وأصدقوهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله : ولا تمسكوا بعصم الكوافر قال : أمر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلاق نسائهم الكوافر بمكة؛ قعدن مع الكفار، واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا قال : ما ذهب من أزواج أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الكفار فليعطهم الكفار صدقاتهن وليمسكوهن، وما ذهب من أزواج الكفار إلى أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كمثل ذلك، هذا في صلح كان بين قريش وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار الذين ليس بينكم وبينهم عهد، فعاقبتم أصبتم مغنما من قريش أو غيرهم، فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا صدقاتهن عوضا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عكرمة قال : خرجت امرأة مهاجرة إلى المدينة، فقيل لها : ما أخرجك؟ بغض لزوجك أم أردت الله ورسوله؟ قالت : بل الله [ ص: 417 ] ورسوله، فأنزل الله : فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار فإن تزوجها رجل من المسلمين فلترد إلى زوجها الأول ما أنفق عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود في «ناسخه»، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات قال : هذا حكم حكمه الله بين أهل الهدى وأهل الضلالة، فامتحنوهن قال : كانت محنتهن أن يحلفن بالله ما أخرجهن نشوز، ولا خرجن إلا حبا للإسلام وحرصا عليه، فإذا فعلن ذلك قبل منهن، وفي قوله : واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا قال : كن إذا فررن من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الكفار الذين بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد فتزوجن بعثوا بمهورهن إلى أزواجهن من المسلمين، وإذا فررن من المشركين الذين بينهم وبين نبي الله- صلى الله عليه وسلم - عهد فنكحوهن بعثوا بمهورهن إلى أزواجهن من المشركين، فكان هذا بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أصحاب العهد من الكفار .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم يقول : إلى كفار قريش، ليس بينهم وبين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد يأخذونهم به فعاقبتم وهي الغنيمة إذا غنموا بعد ذلك، ثم نسخ هذا الحكم وهذا العهد في (براءة) فنبذ إلى كل ذي عهد عهده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن إلى قوله : عليم حكيم قال : كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا علموا أن ذلك حق منهن لم يرجعوهن إلى الكفار، وأعطي بعلها في الكفار الذين عقد لهم [ ص: 418 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صداقه الذي أصدقها، وأحلهن للمؤمنين إذا آتوهن أجورهن، ونهى المؤمنين أن يدعوا المهاجرات من أجل نسائهم في الكفار، وكانت محنة النساء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر عمر بن الخطاب فقال : «قل لهن : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بايعكن على ألا تشركن بالله شيئا» وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة - التي شقت بطن حمزة - متنكرة في النساء، فقالت : إني إن أتكلم يعرفني، وإن عرفني قتلني، وإنما تنكرت فرقا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسكت النسوة التي مع هند، وأبين أن يتكلمن، فقالت هند وهي متنكرة : كيف يقبل من النساء شيئا لم يقبله من الرجال؟ فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لعمر : «قل لهن : ولا يسرقن» قالت هند : والله إني لأصيب من أبي سفيان الهنة ما أدري أيحلهن أم لا؟ قال أبو سفيان : ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وعرفها، فدعاها فأتته، فأخذت بيده فعاذت به، فقال : «أنت هند»؟ فقالت : عفا الله عما سلف، فصرف عنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم الآية، يعني إن لحقت امرأة رجل من المهاجرين بالكفار أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطى من الغنيمة مثل ما أنفق .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن شهاب قال : بلغنا أن «الممتحنة» أنزلت في المدة التي ماد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفار قريش، من أجل العهد الذي كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كفار قريش في المدة، فكان يرد على كفار قريش ما أنفقوا على نسائهم اللاتي يسلمن ويهاجرن وبعولتهن كفار، ولو كانوا حربا ليست بين [ ص: 419 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبينهم مدة عهد لم يردوا إليهم شيئا مما أنفقوا، وقد حكم الله للمؤمنين على أهل المدة من الكفار بمثل ذلك الحكم، قال الله : ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم فطلق المؤمنون حين أنزلت هذه الآية كل امرأة كافرة كانت تحت رجل منهم، فطلق عمر بن الخطاب امرأته بنت أبي أمية بن المغيرة من بني مخزوم، فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وبنت جرول من خزاعة، فتزوجها جهم بن حذيفة العدوي،، وجعل ذلك حكما حكم به بين المؤمنين وبين المشركين في مدة العهد التي كانت بينهم، فأقر المؤمنون بحكم الله، فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين، فقال الله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون فإذا ذهبت - بعد هذه الآية - امرأة من أزواج المؤمنين إلى المشركين رد المؤمنون إلى زوجها النفقة التي أنفق عليها من العقب الذي بأيديهم الذي أمروا أن يردوه إلى المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهن اللاتي آمن وهاجرن، ثم ردوا إلى المشركين فضلا إن كان لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 420 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، عن مجاهد : ولا تمسكوا بعصم الكوافر قال : الرجل تلحق امرأته بدار الحرب فلا يعتد بها من نسائه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن سعيد بن جبير ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عامر الشعبي قال : كانت زينب امرأة ابن مسعود من الذين قالوا له : واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، عن مجاهد : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم إن امرأة من أهل مكة أتت المسلمين فعوضوا زوجها، وإن امرأة من المسلمين أتت المشركين فعوضوا زوجها، وإن امرأة من المسلمين ذهبت إلى من ليس له عهد من المشركين فعاقبتم فأصبتم غنيمة، فعوضوا زوجها مثل ما أنفق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن مسروق قال : إذا ذهبت المرأة إلى المشركين أعطوا زوجها مثل مهرها، وإذا ذهبت إلى قوم ليس بينهما وبينهم عهد من المشركين، فعاقبتم فأصبتم غنيمة فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا يقول : آتوا زوجها من الغنيمة مثل مهرها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : خرج سهيل بن عمرو، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال : «بلى» قال : [ ص: 421 ] فما لنا من أسلم منهم رد إليهم، ومن اتبعهم منا نرده إليهم؟ قال : «أما من أسلم منهم فعرف الله منه الصدق أنجاه، ومن رجع منا سلم الله منه» قال : ونزلت سورة «الممتحنة» بعد ذلك الصلح، وكان من أسلم من نسائهم، فسئلت : ما أخرجك؟ فإن كانت خرجت فرارا من زوجها ورغبة عنه ردت، وإن كانت خرجت رغبة في الإسلام أمسكت، ورد على زوجها مثل ما أنفق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن يزيد بن أبي حبيب أنه بلغه أنه نزلت : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية، في امرأة أبي حسان بن الدحداحة، وهي أميمة بنت بشر، امرأة من بني عمرو بن عوف، وأن سهل بن حنيف تزوجها حين فرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فولدت له عبد الله بن سهل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أهل مكة عهد شرط في أن يرد النساء، فجاءت امرأة تسمى سعيدة، وكانت تحت صيفي بن الراهب، وهو مشرك من أهل مكة، وطلبوا ردها، فأنزل الله : إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وأبو داود في «ناسخه»، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن الزهري قال : نزلت هذه الآية وهم بالحديبية لما جاء النساء، أمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى زوجها، فأما المؤمنون فأقروا بحكم الله، وأما [ ص: 422 ] المشركون فأبوا أن يقروا، فأنزل الله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار إلى قوله : مثل ما أنفقوا فأمر المؤمنين إذا ذهبت امرأة من المسلمين ولها زوج من المسلمين أن يرد إليه المسلمون صداق امرأته كما أمروا أن يردوا على المشركين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن إبراهيم النخعي في قوله : إذا جاءكم المؤمنات الآية، قال : كان قوم بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم – عهد، وكانت المرأة إذا جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – امتحنوها، ثم يردون على زوجها ما أنفق عليها، وإن لحقت امرأة من المسلمين بالمشركين فغنم المسلمون ردوا على صاحبها ما أنفق عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشعبي : ما رضي المشركون بشيء ما رضوا بهذه الآية، وقالوا : هذا النصف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي أسامة، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في «الكبير»، وابن مردويه ، بسند حسن، عن ابن عباس في قوله : إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ولفظ ابن المنذر أنه كان سئل : كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمتحن النساء؟ قال : كانت المرأة إذا جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - حلفها عمر بالله؛ ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 423 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن عكرمة قال : يقال لها : ما جاء بك عشق رجل منا، ولا فرار من زوجك، ما جاء بك إلا حب الله ورسوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن منيع، من طريق الكلبي ، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال : أسلم عمر بن الخطاب، وتأخرت امرأته في المشركين، فأنزل الله : ولا تمسكوا بعصم الكوافر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وأبو نعيم ، وابن عساكر عن يزيد بن الأخنس، أنه لما أسلم أسلم معه جميع أهله إلا امرأة واحدة أبت أن تسلم، فأنزل الله : ولا تمسكوا بعصم الكوافر فقيل له : قد أنزل الله آية؛ فرق بينها وبين زوجها إلا أن تسلم، فضرب لها أجل سنة، فلما مضت السنة إلا يوم جلست تنظر الشمس حتى إذا دنت للغروب أسلمت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن طلحة قال : لما نزلت : ولا تمسكوا بعصم الكوافر طلقت امرأتي أروى بنت ربيعة، وطلق عمر قريبة بنت أبي أمية، وأم كلثوم بنت جرول الخزاعية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن إبراهيم النخعي في قوله : ولا تمسكوا بعصم الكوافر قال : نزلت في المرأة من المسلمين تلحق بالمشركين فتكفر، فلا يمسك زوجها بعصمتها، قد برئ منها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 424 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن في قوله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار قال : نزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان، ارتدت، فتزوجها رجل ثقفي، ولم ترتد امرأة من قريش غيرها، فأسلمت مع ثقيف حين أسلموا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في «ناسخه»، وابن المنذر ، عن ابن جريج : فامتحنوهن الآية، قال : سألت عطاء عن هذه الآية؛ يعمل بها؟ قال : لا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية