الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 236 ] فإن خفتم : أي: من عدو؛ أو غيره؛ فرجالا : جمع "راجل"؛ كـ "قيام"؛ و"قائم"؛ أو "رجل"؛ بمعنى "راجل"؛ وقرئ بضم الراء؛ مع التخفيف؛ وبضمها مع التشديد أيضا؛ وقرئ: "فرجلا"؛ أي: "راجلا"؛ أو ركبانا : جمع "راكب"؛ أي: "فصلوا راجلين؛ أو راكبين؛ حسبما يقتضيه الحال؛ ولا تخلوا بها ما أمكن الوقوف في الجملة"؛ وقد جوز الشافعي - رحمه الله - أداءها حال المسايفة أيضا؛ فإذا أمنتم ؛ بزوال الخوف؛ فاذكروا الله ؛ أي: فصلوا صلاة الأمن؛ عبر عنها بـ "الذكر" لأنه معظم أركانها؛ كما علمكم : متعلق بمحذوف وقع وصفا لمصدر محذوف؛ أي: ذكرا كائنا؛ كما علمكم؛ أي: كتعليمه إياكم؛ ما لم تكونوا تعلمون ؛ من كيفية الصلاة؛ والمراد بالتشبيه أن تكون الصلاة المؤداة موافقة لما علمه الله (تعالى)؛ وإيرادها بذلك العنوان لتذكير النعمة؛ أو: اشكروا الله (تعالى)؛ شكرا يوازي تعليمه إياكم ما لم تكونوا تعلمونه من الشرائع؛ والأحكام؛ التي من جملتها كيفية إقامة الصلاة حالتي الخوف؛ والأمن؛ هذا.. وفي إيراد الشرطية الأولى بكلمة "إن"؛ المفيدة لمشكوكية وقوع الخوف؛ وندرته؛ وتصدير الشرطية الثانية بكلمة "إذا"؛ المنبئة عن تحقيق وقوع الأمن؛ وكثرته؛ مع الإيجاز في جواب الأولى؛ والإطناب في جواب الثانية؛ المبنيين على تنزيل مقام وقوع المأمور به فيهما منزلة مقام وقوع الأمر؛ تنزيلا مستدعيا لإجراء مقتضى المقام الأول؛ في كل منهما مجرى مقتضى المقام الثاني؛ من الجزالة ولطف الاعتبار ما فيه؛ عبرة لأولي الأبصار.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية