الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                فصل و " الإيمان بالرسل " يجب أن يكون جامعا عاما مؤتلفا لا تفريق فيه ولا تبعيض ولا اختلاف ; بأن يؤمن بجميع الرسل وبجميع ما أنزل إليهم . فمن آمن ببعض الرسل وكفر ببعض أو آمن ببعض ما أنزل الله وكفر ببعض فهو كافر وهذا حال من بدل وكفر من اليهود والنصارى والصابئين ; فإن [ ص: 12 ] هؤلاء في أصلهم قد يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون صالحا ; فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . كما قال تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ونحوه في المائدة .

                ومنهم من فرق فآمن ببعض وكفر ببعض كما قال تعالى عن اليهود : { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه } الآيات وقال تعالى : { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا } { أولئك هم الكافرون حقا } الآية . وقال تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل } الآيتين وقال عن المؤمنين { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله } وقال : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } .

                وذم الذين تفرقوا واختلفوا في الكتب وهم الذين يؤمنون ببعض دون بعض فيكون مع هؤلاء بعض ومع هؤلاء بعض كقوله : [ ص: 13 ] { وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } وقوله : { وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم } وقوله : { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } وقال تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء }

                التالي السابق


                الخدمات العلمية