الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 532 ] وسئل أيضا رحمه الله عمن قال : كلم الله موسى تكليما وسمعته أذناه ووعاه قلبه وإن الله كتب التوراة بيده وناوله إياه من يده إلى يده وقال آخر : لم يكلمه إلا بواسطة .

                التالي السابق


                فأجاب : القائل الذي قال : إن الله كلم موسى تكليما - كما أخبر في كتابه - مصيب وأما الذي قال : كلم الله موسى بواسطة فهذا ضال مخطئ ; بل قد نص الأئمة على أن من قال ذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ; فإن هذا الكلام إنكار لما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام ولما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع .

                قال الله تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب } الآية ففرق بين تكليمه من وراء حجاب - كما كلم موسى - وبين تكليمه بواسطة رسول كما أوحى إلى غير موسى قال الله تعالى : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده } إلى قوله : { وكلم الله موسى تكليما } .

                [ ص: 533 ] والأحاديث بذلك كثيرة في الصحيحين والسنن وفي الحديث المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث { التقى آدم وموسى قال آدم : أنت موسى الذي كلمك الله تكليما لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه } .

                وسلف الأمة وأئمتها كفروا الجهمية الذين قالوا : إن الله خلق كلاما في بعض الأجسام سمعه موسى وفسر التكليم بذلك . وأما قوله : { إن الله كتب التوراة بيده } فهذا قد روي في الصحيحين فمن أنكر ذلك فهو - مخطئ ضال وإذا أنكره بعد معرفة الحديث الصحيح يستحق العقوبة . وأما قوله " ناولها بيده إلى يده " فهذا مأثور عن طائفة من التابعين وهو هكذا عند أهل الكتاب ; لكن لا أعلم غير هذا اللفظ مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم فالمتكلم به إن أراد ما يخالف ذلك فقد أخطأ . والله أعلم .




                الخدمات العلمية