الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وكذلك صومه في السفر ليس برا ولا مأمورا به ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال : { ليس من البر الصيام في السفر } وصومه إذا كان مقيما أحب إلى الله من صيامه في سفر محرم ولو أراد أن يتطوع على الراحلة في السفر المحرم لم يمنع من ذلك وإذا اشتبهت عليه القبلة أما كان يتحرى ويصلي ؟ ولو أخذت ثيابه أما كان يصلي عريانا ؟ فإن قيل هذا لا يمكنه إلا هذا قيل : والمسافر لم يؤمر إلا بركعتين والمشروع في حقه أن لا يصوم وقد اختلف الناس لو صام هل يسقط الفرض عنه ؟ واتفقوا على أنه إذا صام بعد رمضان أجزأه وهذه المسألة ليس فيها احتياط فإن طائفة يقولون : من صلى أربعا أو صام رمضان في السفر المحرم لم يجزئه ذلك كما لو فعل ذلك في السفر المباح عندهم .

                وطائفة يقولون لا يجزيه إلا صلاة أربع وصوم رمضان وكذلك [ ص: 114 ] أكل الميتة واجب على المضطر : سواء كان في السفر أو الحضر وسواء كانت ضرورته بسبب مباح أو محرم فلو ألقى ماله في البحر واضطر إلى أكل الميتة كان عليه أن يأكلها ولو سافر سفرا محرما فأتعبه حتى عجز عن القيام صلى قاعدا ولو قاتل قتالا محرما حتى أعجزته الجراح عن القيام صلى قاعدا .

                فإن قيل : فلو قاتل قتالا محرما هل يصلي صلاة الخوف ؟ قيل يجب عليه أن يصلي ولا يقاتل فإن كان لا يدع القتال المحرم فلا نبيح له ترك الصلاة ; بل إذا صلى صلاة خائف كان خيرا من ترك الصلاة بالكلية ثم هل يعيد ؟ هذا فيه نزاع ثم إن أمكن فعلها بدون هذه الأفعال المبطلة في الوقت وجب ذلك عليه لأنه مأمور بها وأما إن خرج الوقت ولم يفعل ذلك ففي صحتها وقبولها بعد ذلك نزاع .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية