الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ما يعتمد عليه في معرفة سبب النزول

والعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة ، فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا إذا كان صريحا لا يكون بالرأي ، بل يكون له حكم المرفوع ، قال الواحدي : " لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ، ووقفوا على الأسباب ، وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلب " وهذا هو نهج علماء السلف ، فقد كانوا يتورعون عن أن يقولوا شيئا في ذلك دون تثبت ، قال " محمد بن سيرين “ : سألت " عبيدة “ عن آية من القرآن فقال : اتق الله وقل سدادا ، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل الله من القرآن ، وهو يعني الصحابة ، وإذا كان هذا هو قول " ابن سيرين " من أعلام علماء التابعين تحريا للرواية ، ودقة في النقل ، فإنه يدل على وجوب الوقوف عند أسباب النزول الصحيحة ، ولذا فإن المعتمد من ذلك فيما روي من أقوال الصحابة ما كانت صيغته جارية مجرى المسند ، بحيث تكون هذه الصيغة جازمة بأنها سبب النزول .

وذهب " السيوطي " إلى أن قول التابعي إذا كان صريحا في سبب النزول فإنه يقبل ، ويكون مرسلا ، إذا صح المسند إليه وكان من أئمة التفسير الذين أخذوا عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ، واعتضد بمرسل آخر .

[ ص: 73 ] وقد أخذ " الواحدي " على علماء عصره تساهلهم في رواية سبب النزول ، ورماهم بالإفك والكذب ، وحذرهم من الوعيد الشديد ، حيث يقول : " أما اليوم فكل أحد يخترع شيئا ، ويختلق إفكا وكذبا ، ملقيا زمامه إلى الجهالة ، غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية " .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية