الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            كتاب اللقيط فعيل بمعنى مفعول وهو من يأتي ، سمي لقيطا وملقوطا باعتبار أنه يلقط ، ومنبوذا باعتبار أنه ينبذ وتسميته بذينك قبل أخذه وإن كان مجازا لكنه صار حقيقة شرعية ، وكذا تسميته منبوذا بعد أخذه بناء على زوال الحقيقة بزوال المعنى المشتق منه ، ويسمى أيضا دعيا وهو شرعا طفل نبيذ بنحو شارع لا يعرف له مدع فهو من مجاز الأول [ ص: 447 ] وذكر الطفل للغالب .

                                                                                                                            والأصل فيه قوله تعالى { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } وقوله { وافعلوا الخير } وأركانها لاقط ولقيط ولقط ، وستعلم من كلامه ( التقاط المنبوذ ) أي المطروح والتعبير به للغالب أيضا كما علم ( فرض كفاية ) حفظا للنفس المحترمة عن الهلاك هذا إن علم متعدد ولو مرتبا على الأصح كما قال السبكي : إنه الذي يجب القطع به وإلا ففرض عين ، وفارق ما مر في اللقطة بأن المغلب فيها معنى الاكتساب التي جبلت النفوس على حبه كالوطء في النكاح ( ويجب ) ( الإشهاد عليه ) أي الالتقاط وإن كان الملتقط مشهور العدالة ( في الأصح ) لئلا يسترق ويضيع نسبه المبني على الاحتياط له أكثر من المال ، وإنما وجب على ما معه بطريق التبعية له فلا ينافيه ما مر في اللقطة .

                                                                                                                            والثاني لا يجب اعتمادا على الأمانة للمقر ودفع بما مر ، ومتى ترك الإشهاد عند وجوبه لم يثبت له عليه ولاية الحضانة ما لم يتب ويشهد فيكون التقاطا جديدا من حينئذ كما بحثه السبكي مصرحا بأن ترك الإشهاد فسق ، ومحل وجوبه كما قاله الماوردي وغيره ما لم يسلمه له الحاكم فإن سلمه له سن ولم يجب .

                                                                                                                            نعم تعليله بأن تسليمه حكم فأغنى عن الإشهاد مفرع على أن تصرف الحاكم حكم ، والأصح خلافه ، فالوجه تعليله بأن تسليم الحاكم فيه معنى الإشهاد فأغنى عنه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            كتاب اللقيط .

                                                                                                                            ( قوله : ينبذ ) أي يطرح وقوله وتسميته مبتدأ خبره لكنه ، وقوله بناء على زوال إلخ معتمد .

                                                                                                                            ( قوله : ويسمى أيضا دعيا ) أي للجهل بمن ينسب إليه .

                                                                                                                            وفي المختار : والداعي من تبينته ا هـ . ولا يتقيد الحكم هنا بذلك ( قوله : طفل نبيذ ) أي منبوذ .

                                                                                                                            ( قوله : فهو من مجاز الأول ) قد يقال هذا بحسب اللغة ، أما في عرف أهل الشرع فهو حقيقة كما قدمه ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : قوله كما قدمه : أي في قوله وتسميته إلخ ، ومقتضى قول الشارح قبل : وكذا تسميته منبوذا بعد أخذه بناء إلخ يقتضي أن تسميته منبوذا قبل الأخذ حقيقة لغوية وبعده مجاز باعتبار ما كان [ ص: 447 ] عليه .

                                                                                                                            ( قوله : وذكر الطفل للغالب ) إذ الأصح أن المميز والبالغ المجنون يلتقطان لاحتياجهما إلى التعهد ا هـ حج .

                                                                                                                            وهو صريح في أن المميز لا يسمى طفلا ويشعر به قول المصنف : ويجوز التقاط المميز وهو أحد قولين في اللغة ، ففي المصباح الطفل : الولد الصغير من الإنسان والدواب ، ثم قال : قال بعضهم : ويبقى هذا الاسم للولد حتى يميز ، ثم لا يقال له بعد ذلك طفل بل صبي وحزور ويافع ومراهق وبالغ ، وفي التهذيب يقال له طفل إلى أن يحتلم .

                                                                                                                            ( قوله : كما علم ) لم يتقدم له ما يعلم منه ذلك .

                                                                                                                            نعم يأتي في كلام المصنف والشارح ما يعلم منه ذلك حيث قال : وأيضا يصح التقاط المميز .

                                                                                                                            نعم المجنون كالصبي لكن سبق في حج تسميته بذلك ، ثم قال هنا كما علم وهو ظاهر .

                                                                                                                            ( قوله : فرض كفاية ) ولو على فسقه علموا به فيجب عليهم الالتقاط ولا تثبت الولاية لهم : أي فعلى الحاكم انتزاعه منهم ، ولعل سكوتهم عن هذا لعلمه من كلامهم .

                                                                                                                            ( قوله : وفارق ما مر في اللقطة ) أي من استحبابها .

                                                                                                                            ( قوله : ويجب الإشهاد ) أي لرجلين ولو مستورين لأنه يعسر عليه إقامة العدلين ظاهرا وباطنا .

                                                                                                                            ( قوله : مشهور العدالة ) أي ثابتها بأن ثبتت بالمزكين واشتهرت حملا للفظ على فرده الكامل فغيره كمستور العدالة من باب أولى ( قوله وإنما وجب على ما معه ) المنصوص على وجوبه في المختصر ا هـ حج .

                                                                                                                            وقياس ما مر في اللقطة من امتناع الإشهاد إذا خاف عليها ظالما أنه هنا كذلك .

                                                                                                                            ( قوله : في اللقطة ) وقد يقال لا منافاة وإن لم تعتبر التبعية لأن المغلب فيها معنى الكسب وفي الالتقاط الولاية على اللقيط وما معه .

                                                                                                                            ( قوله : ما لم يتب ويشهد ) قضية جعله الولاية مسلوبة إلى التوبة أن ترك الإشهاد كبيرة ويفيده كلام السبكي الآتي ( قوله : فيه معنى الإشهاد ) أي وإن لم يكن بمجلسه أحد ، فلعله أن ما يفعله الحاكم يشتهر أمره فيستفاد به العلم بالالتقاط وهو بمنزلة الشهادة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 446 ] كتاب اللقيط ( قوله : وإن كان مجازا ) أي مجاز أول سيأتي ( قوله : فهو ) أي اللقيط [ ص: 447 ] قوله : وأركانه ) أي : اللقط المفهوم من اللقيط أو أركان الباب . ( قوله : كما علم ) لعله من قوله وذكر الطفل للغالب ( قوله : سن ولم يجب ) بحث الشهاب سم أن محله إن كان الحاكم ممن يحكم بعلمه : أي ; لأنه حينئذ يقضي بعلمه في شأن الطفل إذا استرق لكن ينازع فيه قول الشارح الآتي فالوجه تعليله إلخ فتأمل . ( قوله : والأصح خلافه ) أي : من حيث [ ص: 448 ] إطلاقه وإلا فسيأتي في الفرائض أنه حكم في قضية رفعت له وطلب منه فصلها




                                                                                                                            الخدمات العلمية