الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 278 ] ( فصل ) في تغير حال المجروح بحرية أو عصمة أو إهدار أو بمقدار للمضمون به وقاعدة ذلك المبني عليها أكثر المسائل الآتية أن كل جرح وقع أوله غير مضمون لا ينقلب مضمونا بتغير الحال في الانتهاء ، وما ضمن فيهما يعتبر قدر الضمان فيه بالانتهاء ، وأما القود فيشترط فيه العصمة والمكافأة من أول الفعل إلى الزهوق .

                                                                                                                            إذا تقرر ذلك علم منه أنه إذا ( جرح ) إنسان ( حربيا أو مرتدا أو عبد نفسه فأسلم ) الكافر أو أمن الحربي ( وعتق ) العبد بعد الجرح ( ثم مات ) أحدهم ( بالجرح ) ( فلا ضمان ) فيه بقود ولا دية اعتبارا بحالة الجناية ، وعلم مما مر أن قاتل المرتد قد يقتل به ، ومما يأتي أن على قاتل عبده كفارة دون قاتل أحد الأولين لإهداره عند استقرار الجناية ( وقيل تجب دية ) لحر مسلم مخففة على العاقلة اعتبارا بالانتهاء ( ولو رماهما ) أي الحربي والمرتد وجعلا قسما واحدا ; لأن المراد أحدهما والعبد ( فأسلم ) أحد الأولين ( وعتق ) الثالث قبل إصابة السهم له ثم ماتا بها ( فلا قصاص ) لانتفاء العصمة والمكافأة أول أجزاء الجناية ولكون الأولين مهدرين والثالث معصوما حسنت [ ص: 279 ] تثنية الضمير ، وإن كان العطف بأو ; لأنهما ضدان كما في { فالله أولى بهما } ( والمذهب وجوب دية مسلم مخففة على العاقلة ) اعتبارا بحالة الإصابة ; لأنها حالة اتصال الجناية والرمي كالمقدمة التي يتوصل بها إلى الجناية فعلم أنه لا قود بذلك لانتفاء المكافأة أول أجزاء الجناية ، وقيل يجب في المرتد دون الحربي ، ولو جرح حربي معصوما ثم عصم لم يضمنه ، وإن عصم بعد الرمي وقبل الإصابة ضمنه بالمال لا القود

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 278 ] فصل ) في تغير حال المجروح

                                                                                                                            ( قوله : في تغير حال المجروح ) أي أو الجارح كما يأتي في قوله ولو جرح حربي معصوما والأولى في تغير حال المجني عليه فإن المجروح لا يشمل ما لو رمى إلى حربي مثلا فأسلم قبل وصول السهم له

                                                                                                                            ( قوله : أو بمقدار ) صلة تغير

                                                                                                                            ( قوله : أوله غير مضمون ) لا يرد عليه ما لو رمى إلى حربي فأسلم قبل وصول السهم حيث ضمن بالمال كما يأتي مع أن أول الفعل غير مضمون .

                                                                                                                            لأنا نقول أول الجرح في هذه مضمون ، وأما ابتداء الفعل الذي لا ضمان فيه فليس بجرح وهو إنما عبر بالجرح ، وسواء كان عدم الضمان لنقص في المجني عليه كما لو جرح حربيا إلخ أو في الجاني كما لو جنى حربي على مسلم على ما يأتي

                                                                                                                            ( قوله : إلى الزهوق ) يرد عليه ما تقدم من أنه لو جرح ذمي ذميا أو عبد عبدا ثم أسلم الجارح أو عتق ومات المجروح على رقه أو كفره وجب القصاص لوجود المكافأة حال الجناية كما تقدم التعليل به في كلامه ، فلو عبر هنا بقوله : من أول الفعل إلى انتهائه لوافق ما مر .

                                                                                                                            ويمكن رد ما هنا إلى ما سبق بأن يقال : مراده أن العصمة تشترط إلى الزهوق ، وأن المكافأة تعتبر حال الجناية ، فقوله إلى الزهوق متعلق بالمجموع لا بكل منهما ( قوله : وعلم مما مر ) أي في قوله : والمرتد في حق معصوم إلخ

                                                                                                                            ( قوله : أن قاتل المرتد إلخ ) ولا ترد واحدة من الصورتين على المصنف ; لأنه إنما عبر بنفي الضمان والمتبادر منه الضمان أو القصاص ، وكان بحيث لو عفي عنه على مال وجب ، والمرتد لا يجوز العفو عن القصاص الواجب عليه بمال

                                                                                                                            ( قوله : قد يقتل به ) أي إذا كان مرتدا مثله لوجود المكافأة

                                                                                                                            ( قوله : الأولين ) أي الحربي والمرتد

                                                                                                                            ( قوله : لإهداره ) أي الأحد

                                                                                                                            ( قوله : الحربي والمرتد ) ع : [ ص: 279 ] لو كان الرامي الإمام لقتل الردة فالمتجه عدم الضمان ، كذا حاوله الزركشي ، وفيه نظر لأن غاية أمره أن يكون كالحربي ا هـ سم على منهج ( قوله : { فالله أولى بهما } ) أي الغني والفقير .

                                                                                                                            وأجيب عن الآية بأنها ليست من هذا الباب ; لأن التقدير فيها إن يكن غنيا أو يكن فقيرا فالضمير في بهما راجع لمعمول المتعاطفين لا لهما

                                                                                                                            ( قوله : وقيل يجب ) أي القصاص

                                                                                                                            ( قوله : ولو جرح حربي ) هذه لا تدخل في تغير حال المجروح ; إذ المتغير هنا حال الجارح لكنها داخلة في قوله كل جرح أوله غير مضمون إلخ ( قوله : ثم عصم ) أي الحربي ( قوله : وإن عصم ) هذه لم تشملها القاعدة السابقة وكذا قول المصنف ولو ارتد المجروح إلخ لم تشمله القاعدة ، ولا يرد على الشارح ذلك لقوله قبل : المبني عليها أكثر المسائل إلخ .

                                                                                                                            وقاعدة هذه أن يقال : كل جرح أوله مضمون وآخره غير مضمون فالنفس هدر ويجب قصاص الجرح ، وفيما قبلها كل فعل غير مضمون وما بعده من الجرح إلى الزهوق مضمون تجب فيه دية مسلم مخففة

                                                                                                                            ( قوله : ضمنه ) أي بدية مسلم مخففة على العاقلة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 278 ] فصل ) في تغير حال المجروح ( قوله : أو بمقدار للمضمون به ) دخل فيه التغيير بالحرية ومن ثم لم يذكره في شرح الروض ( قوله : لا ينقلب مضمونا ) وكذا عكسه كما يعلم من قول المصنف الآتي ولو ارتد المجروح ومات بالسراية إلخ . فيزاد في القاعدة ، وكل جرح وقع مضمونا لا ينقلب غير مضمون ( قوله : فيشترط فيه العصمة والمكافأة من أول الفعل إلى الزهوق ) يرد عليه ما مر في قول المصنف ولو جرح ذمي ذميا ، فأسلم الجارح ثم مات المجروح فكذا : أي لا يسقط القود [ ص: 279 ] في الأصح فهذا لا يكافئه إلى الزهوق ( قوله : فعلم إلخ . ) هذا لا حاجة إليه بعد تصريح المتن به ومن ثم لم يذكره في التحفة




                                                                                                                            الخدمات العلمية