الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يستوفى ) حد أو تعزير أو ( قصاص ) في نفس أو غيرها ( إلا بإذن الإمام ) أو نائبه .

                                                                                                                            الذي تناولت ولايته إقامة الحدود ، ولا يتوقف في حقوقه تعالى ، بخلاف حق الآدمي فإن إقامتها تتوقف على طلب المستحق المتأهل ، ويسن حضور الحاكم به له مع عدلين يشهدان إن أنكر المستحق ، ولا يحتاج للقضاء بعلمه وذلك لخطره واحتياجه إلى النظر لاختلاف العلماء في شروطه ، ويلزمه تفقد آلة الاستيفاء والأمر بضبطه في قود [ ص: 302 ] غير النفس حذرا من الزيادة باضطرابه ، وقد لا يعتبر الإذن كما في السيد والقاتل في الحرابة والمستحق المضطر أو المنفرد بحيث لا يرى كما بحثه ابن عبد السلام لا سيما إن عجز عن إثباته ( فإن استقل ) مستحقه باستيفائه من غير ما ذكر ( عزر ) لافتياته على الإمام واعتد به ( ويأذن ) الإمام ( لأهل ) من المستحقين ( في نفس ) طلب فعله بنفسه ، وقد أحسنه ورضي به البقية كما علم مما مر لا من الحيف ( لا ) في استيفاء ( طرف ) أو إيضاح أو معنى كعين ( في الأصح ) ; لأنه لا يؤمن من أن يزيد في الإيلام بترديد الآلة فيسري ومن ثم لم يجز له الإذن في استيفاء تعزير أو حد قذف ، ومقابل الأصح لا ينظر إلى ذلك .

                                                                                                                            أما غير الأهل كشيخ وامرأة وذمي له قود على مسلم لكونه قد أسلم بعد استقرار الجناية كما مر ، وفي نحو الطرف فيأمره بالتوكيل لأهل كمسلم في الأخيرة إن كان الجاني مسلما .

                                                                                                                            قال ابن عبد السلام : ولا بد أن لا يكون عدوا للجاني لئلا يعذبه ، ولو قال جان أنا أقتص من نفسي لم يجب ; لأن التشفي لا يتم بفعله على أنه قد يتوانى فيعذب نفسه ، فإن أجيب أجزأ في القطع لا الجلد ; لأنه قد يوهم الإيلام ولم يؤلم ، ومن ثم أجزأ بإذن الإمام قطع السارق لا جلد الزاني أو القاذف لنفسه ( فإن ) ( أذن له ) أي للأهل ( في ضرب رقبة فأصاب غيرها عمدا ) بقوله إذ لا يعرف إلا منه ( عزر ) لتعديه ( ولم يعزله ) لأهليته ( وإن قال ) كنت ( أخطأت وأمكن ) كأن ضرب رأسه أو كتفه مما يلي عنقه ( عزله ) ; لأن يشعر بعزله ولهذا لو عرفت مهارته لم يعزله ( ولم يعزر ) إذا حلف أنه أخطأ لعدم تعديه .

                                                                                                                            أما لو لم يمكن كأن ضرب وسطه فكالمتعمد

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولا يتوقف ) أي الاستيفاء ( قوله : ويسن حضور الحاكم به ) أي القصاص ، وقوله له : أي للقصاص

                                                                                                                            ( قوله : وذلك ) توجيه لكلام المصنف

                                                                                                                            ( قوله : والأمر بضبطه ) أي بأن [ ص: 302 ] يقول لشخص : أمسك يده حتى لا يزل الجلاد باضطراب الجاني

                                                                                                                            ( قوله : وقد لا يعتبر ) انظر استثناء هذه المسائل مع وجود العلة ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            أقول : قد يجاب بأنهم لم يلتفتوا للعلة لما أشاروا إليه من الضرورة في غير السيد .

                                                                                                                            وأما فيه فلأن الحق له لا للإمام فلا افتيات عليه أصلا

                                                                                                                            ( قوله : فإن استقل مستحقه ) أي أما غيره ولو إماما فيقتل به

                                                                                                                            ( قوله : ويأذن الإمام لأهل ) من شروط الأهلية أن يكون ثابت النفس قوي الضرب عارفا بالقود ا هـ سم على منهج ( قوله : أو رضي به ) أي أو لم يكن ثم غيره ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وأشار بقوله وقد أحسنه ورضي به البقية إلى دفع ما يقال : تقدم أنهم يتفقون على مستوف منهم أو من غيرهم .

                                                                                                                            فإن لم يتفقوا فقرعة ، وهو مناف لقولهم هنا : والحاصل أن الحق لهم لكنهم لا يستقلون باستيفائه بغير إذن الإمام فطريقهم أنهم يتفقون أولا على مستوف منهم أو من غيرهم ثم يستأذنون الإمام في أن يأذن لمن اتفقوا عليه

                                                                                                                            ( قوله : ولا بد أن لا يكون ) أي الوكيل ( قوله فيعذب نفسه ) عبارة شرح الروض : ولأنه إذا مسته الحديدة فيرفع يده ولا يحصل الزهوق إلا بأن يعذب نفسه تعذيبا شديدا وهو ممنوع منه ا هـ .

                                                                                                                            وقد يشعر قوله : ولا يحصل الزهوق إلخ بشمول المسألة الاقتصاص في النفس حتى إذا أجيب أجزأ فليراجع ، ثم قال في الروض : فإن أجيب فهل يجزي ؟ وجهان ا هـ .

                                                                                                                            ويتجه أنه إن أذن له بطريق الوكالة لم يصح وإلا صح ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقول سم لم يصح : أي لاشتراطهم في الوكيل تمام الحياة إلى تمام ما وكل فيه

                                                                                                                            ( قوله : قطع السارق ) أي لنفسه م ر ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : فكالمتعمد ) وينبغي أن لا يعذر إلا إذا اعترف بالتعمد ا هـ سم على حج



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : الذي تناولت ولايته إلخ . ) أي كالقاضي كما صرح به في التحفة ( قوله : المتأهل ) أي المتأهل للطلب والمراد أنه لا بد من طلب مستحق متأهل إن كان هناك مستحق ثم إن كان متأهلا في الحال طلب حالا ، وإلا فحتى يتأهل كما مر ( قوله : وذلك لخطره ) تعليل للمتن ( قوله : إن أنكر المستحق ) أي أنكر وقوع القصاص ، فيشهدان عليه ويستغني القاضي عن القضاء بعلمه بوقوع القصاص لو لم يحضرهما إن كان ممن يقضي بعلمه فإحضارهما ممن لا يقضي بعلمه كغير المجتهد آكد كما لا يخفى ( قوله : بضبطه ) أي المستوفى منه [ ص: 302 ] قوله : والقاتل في الحرابة ) أي فلكل من الولي والإمام الانفراد بقتله كما في التحفة ( قوله : كمسلم في الأخيرة إن كان الجاني مسلما ) لا حاجة إليه ( قوله : أن لا يكون ) أي الوكيل المفهوم من التوكيل




                                                                                                                            الخدمات العلمية