الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( الثامن : الردة عن الإسلام ) الصحيح من المذهب : أن الردة عن الإسلام تنقض الوضوء ، رواية واحدة . واختاره الجمهور ، وهو من مفردات المذهب . وقال جماعة من الأصحاب : لا تنقض . وذكر ابن الزاغوني روايتين في النقض بها . قال في الفروع : ولا نص فيها .

فائدة : لم يذكر القاضي في الجامع ، والمحرر ، والخصال ، وأبو الخطاب في الهداية ، وابن البنا في العقود ، وابن عقيل في التذكرة ، والسامري في المستوعب ، والفخر بن تيمية في التلخيص ، والبلغة ، وغيرهم : الردة من نواقض الوضوء . فقيل : لأنها لا تنقض عندهم . وقيل : إنما تركوها لعدم فائدتها ; لأنه إن لم يعد إلى الإسلام فظاهر ، وإن عاد إلى الإسلام وجب عليه الغسل . ويدخل فيه الوضوء . وقد أشار إلى ذلك القاضي في الجامع الكبير . فقال : لا معنى لجعلها من النواقض ، مع وجوب الطهارة الكبرى . وقال الشيخ تقي الدين : له فائدة تظهر فيما إذا عاد إلى الإسلام ، فإنا نوجب عليه الوضوء والغسل . فإن نواهما بالغسل أجزأه ، وإن قلنا لم ينتقض وضوءه : لم يجب عليه الغسل . انتهى .

قال الزركشي : قلت : ومثل هذا لا يخفى على القاضي . وإنما أراد القاضي : أن وجوب الغسل ملازم لوجوب الطهارة الصغرى . وممن صرح بأن موجبات الغسل تنقض الوضوء : السامري . وحكى ابن حمدان وجها بأن الوضوء لا يجب بالالتقاء بحائل ، ولا بالإسلام . وإذن ينتفي الخلاف بين الأصحاب في المسألة . انتهى .

فائدة : اقتصار المصنف على هذه الثمانية ظاهر على أنه لا ينقض غير ذلك والصحيح من المذهب : أن كل ما يوجب الغسل يوجب الوضوء ، وإن لم يكن [ ص: 220 ] خارجا من السبيل ، كالتقاء الختانين وإن لم ينزل . وانتقال المني وإن لم يظهر ، والردة ، والإسلام ، والإيلاج بحائل ، إن قلنا بوجوب الغسل ، على ما يأتي في أول باب الغسل ، جزم به في المستوعب ، كما تقدم ، وقدمه في الفروع ، وغيره .

قال ابن عبيدان : ذكره غير واحد من أصحابنا .

قلت : منهم المجد . قال الزركشي : وممن صرح بذلك الخرقي ، والسامري ، وابن حمدان . وقيل : لا ، ولو ميتا . وقال ابن تميم : وما أوجب الغسل غير الموت يجب منه الوضوء ، إلا انتقال المني ، والإيلاج مع الحائل ، وإسلام الكافر على أحد الوجهين . والثاني : يجب الوضوء بذلك أيضا . وقال في الرعاية الكبرى . ومنها : ما أوجب غسلا ، كالتقاء الختانين مع حائل يمنع المباشرة بلا إنزال في الأصح فيه . وانتقال المني بلا إنزال على الأصح فيه ، وإسلام الكافر في وجه ، إن وجب غسله في الأشهر . انتهى .

وأطلق في الرعايتين الوجهين في وجوب الوضوء على القول بوجوب الغسل بإسلام الكافر في باب الغسل . وظاهر كلام المصنف أيضا : أنه لا ينقض غير ذلك ، وقدمه في المستوعب ، والرعاية ، وغيرهما من النواقض : زوال حكم المستحاضة ونحوها .

بشرطه مطلقا . وخروج وقت صلاة وهي فيها في وجه . وبطلان المسح بفراغ مدته ، وخلع حائله ، وغيرهما مطلقا . وبرء محل الجبيرة ونحوها مطلقا كقلعها .

وانتقاض كور أو كورين من العمامة في رواية ، وخلعها . وبطلان التيمم الذي كمل به الوضوء وغيره بخروج وقت الصلاة ، وبرؤية الماء وغيرهما ، وزوال ما أباحه وغير ذلك . انتهى .

قلت : كل ذلك مذكور في كلام المصنف وغيره في أماكنه . ولم يذكره [ ص: 221 ] المصنف هنا اعتمادا على ذكره في أبوابه ، وإنما ذكر هنا ما هو مشترك . فأما المخصوص : فيذكر عند حكم ما اختص به . وظاهر كلام المصنف أيضا : أنه لا نقض بالغيبة ونحوها من الكلام المحرم ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وحكى عن أحمد رواية بالنقض بذلك . وظاهر كلامه أيضا : أنه لا نقض بإزالة شعره وظفره ، ونحوهما ، وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب ، ونص عليه ، وقيل : ينقض . قال في الرعاية : وهو بعيد غريب .

قال ابن تميم : لا يبطل بذلك في الأصح ، فائدة : اقتصر يوسف الجوزي في كتابه " الطريق الأقرب " على النقض بالخمسة الأول فظاهره : أنه لا نقض بغيرها

التالي السابق


الخدمات العلمية