الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( والهدية ، والصدقة نوعان من الهبة ) . يعني : في الأحكام . وهذا المذهب . جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . قال في الفائق : والهدية والصدقة ، نوعان من الهبة . يكفي الفعل فيهما إيجابا وقبولا . على أصح الوجهين . وقال في الرعاية الصغرى : هما نوعا هبة . وقيل : يكفي الفعل قبولا . وقيل : وإيجابا . وقال في الكبرى : ويكفي الفعل فيهما قبولا . في الأصح كالقبض . وقيل : وإيجابا . كالدفع . وقالا : ويصح قبضهما بلا إذن ، ولا مضي مدة إمكانه . ولا يرجع فيهما أحد . وقيل : إلا الأب . وقيل : بل يرجع في الصدقة فقط على ولده الرشيد ، إن كان قبضها ، وعلى الصغير فيما له بيده منها . انتهى . ونقل حنبل ، والمروذي : لا رجوع في الصدقة . [ ص: 164 ] وقال في المستوعب ، وعيون المسائل ، وغيرهما : لا يعتبر في الهدية قبول للعرف . بخلاف الهبة . وقال ابن عبدوس في تذكرته : ولا رجوع فيهما لأحد ، سوى أب .

فوائد : إحداها : وعاء الهدية كالهدية مع العرف . فإن لم يكن عرف رده . قاله في الفروع . قال الحارثي : لا يدخل الوعاء إلا ما جرت العادة به ، كقوصرة التمر ونحوها . الثانية : قال في الرعاية الكبرى : إن قصد بفعله ثواب الآخرة فقط فهو صدقة . وقيل : مع حاجة المتهب . وإن قصد بفعله إكراما وتوددا وتحببا ومكافأة فهو هدية . قال الحارثي : ومن هنا اختصت بالمنقولات ، لأنها تحمل إليه . فلا يقال : أهدى أرضا ، ولا دارا . انتهى . وغيرهما : هبة ، وعطية ، ونحلة . وقيل : الكل عطية ، والكل مندوب . انتهى . وقال في الحاوي الصغير : الهبة ، والصدقة ، والنحلة ، والهدية ، والعطية : معانيها متقاربة . واسم " العطية " شامل لجميعها . وكذلك " الهبة " . و " الصدقة " و " الهدية " متغايران . فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من الهدية دون الصدقة . فالظاهر : أن من أعطى شيئا يتقرب به إلى الله تعالى للمحتاج : فهو صدقة . ومن دفع إلى إنسان شيئا للتقرب إليه والمحبة له : فهو هدية . وجميع ذلك مندوب إليه ، محثوث عليه . انتهى .

الثالثة : لو أعطي شيئا من غير سؤال ، ولا استشراف ، وكان ممن يجوز له أخذه وجب عليه الأخذ . في إحدى الروايتين . [ ص: 165 ] اختاره أبو بكر في التنبيه ، والمستوعب ، للحديث في ذلك .

والرواية الثانية : لا يجب . قال الحارثي : وهو مقتضى كلام المصنف وغيره من الأصحاب . قالوا في الحج : لا يكون مستطيعا ببذل غيره له . وفي الصلاة : لا يلزمه قبول السترة . قلت : وهو الصواب . وذكر الروايتين الخلال في جامعه ، والمجد في شرحه . وأطلقهما الحارثي .

التالي السابق


الخدمات العلمية