الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) عند ( إيلاج حشفة ) هي ما فوق الختان ( آدمي ) احتراز عن الجني يعني إذا لم تنزل وإذا لم يظهر لها في صورة الآدمي كما في البحر ( أو ) إيلاج ( قدرها من مقطوعها ) ولو لم يبق منه [ ص: 162 ] قدرها . قال في الأشباه : لم يتعلق به حكم ، لم أره ( في أحد سبيلي آدمي ) حي ( يجامع مثله ) سيجيء محترزه ( عليهما ) أي الفاعل والمفعول ( لو ) كان ( مكلفين ) ولو أحدهما مكلفا فعليه فقط دون المراهق ، لكن يمنع من الصلاة حتى يغتسل ، ويؤمر به ابن عشر تأديبا ( وإن ) وصلية ( لم ينزل ) منيا بالإجماع ، يعني لو في دبر غيره ، أما في دبر نفسه فرجح في النهر عدم الوجوب إلا بالإنزال : ولا يرد الخنثى المشكل فإنه لا غسل عليه بإيلاجه في قبل أو دبر ولا على من جامعه إلا بالإنزال ; [ ص: 163 ] لأن الكلام في حشفة وسبيلين محققين .

التالي السابق


( قوله : وعند إيلاج ) أي إدخال ، وهذا أعلم من التعبير بالتقاء الختانين لشموله الدبر أيضا .

( قوله : هي ما فوق الختان ) كذا في القاموس ، زاد الزيلعي من رأس الذكر : وفي حاشية نوح أفندي : هي رأس الذكر إلى الختان ، وهو : أي الختان موضع قطع جلد القلفة . ا هـ . فموضع القطع غير داخل في الحشفة كما شرح الشيخ إسماعيل ، ومثله في القهستاني . وفي شرح المنية الحشفة الكمرة . أقول : هذا هو المراد بما فوق الختان ، وأما كون المراد بها من رأس الذكر إلى الختان فالظاهر أنه لا يقول به أحد ; لأن ذلك نحو نصف الذكر ، فيلزم عليه أن لا يجب الغسل حتى يغيب نصف الذكر .

( قوله : احتراز عن الجني ) ففي المحيط : لو قالت معي جني يأتيني مرارا وأجد ما أجد إذا جامعني زوجي لا غسل عليها لانعدام سببه وهو الإيلاج أو الاحتلام درر : ووقع في البحر والفتح وغيرهما يأتيني في النوم مرارا ، وظاهره أنه رؤية منام ، لكن ضبطه الشيخ إسماعيل بالياء المثناة التحتية لا بالنون . أقول : يدل عليه قوله في الحلية : هذا إذا كان واقعا في اليقظة ، فلو في المنام فلا شك أن له من التفصيل ما للاحتلام .

( قوله : يعني إذا لم تنزل ) قيد به في الفتح حيث قال ، ولا يخفى أنه مقيد بما إذا لم تر الماء ، فإن رأته صريحا وجب كأنه احتلام . ا هـ . قال في البحر : وقد يقال ينبغي وجوب الغسل من غير إنزال لوجود الإيلاج ; لأنها تعرف أنه يجامعها كما لا يخفى ا هـ : أقول إن كان هذا مناما فهو غير صحيح ، وإلا فإن ظهر لها بصورة آدمي فهو البحث الآتي وإلا فهو أصل المسألة ، والمنقول فيها عدم الوجوب لعدم سببه كما علمت ، والبحث في المنقول غير مقبول .

( قوله : وإذا لم يظهر لها إلخ ) وهو بحث لصاحب البحر وسبقه إليه صاحب الحلية ، لكنه تردد فيه فقال : أما إذا ظهر في صورة آدمي وكذا إذا ظهر للرجل جنية في صورة آدمية فوطئها وجب الغسل لوجود المجانسة الصورية المفيدة لكمال السببية ، اللهم إلا أن يقال هذا إنما يتم لو لم توجد بينهما مباينة معنوية في الحقيقة ، ومن ثم علل به بعضهم حرمة التناكح بينهما فينبغي أن لا يجب الغسل إلا بالإنزال كما في البهيمة والميتة ، نعم لو لم يعلم ما في نفس الأمر إلا بعد الوطء وجب الغسل فيما يظهر لانتفاء ما يفيد قصور السببية .

( قوله : من مقطوعها ) أي من ذكر مقطوع الحشفة . [ ص: 162 ] بقي لو كان مقطوع البعض منها هل يناط الحكم بالباقي منها أم يقدر من الذكر قدر ما ذهب منها كما يقدر منه لو كان الذاهب كلها لم أره فتأمل .

( قوله : قال في الأشباه إلخ ) جواب لو وعبارته في أحكام غيبوبة الحشفة من الفن الثاني : وإن لم يبق قدرها لم يتعلق به شيء من الأحكام ويحتاج إلى نقل لكونها كلية ولم أره الآن . ا هـ . ونقل ط عن المقدسي أنه يفهم من التقييد بقدرها أنه لا يتعلق بذلك حكم ويفتى به عند السؤال . ا هـ . أي لأن مفاهيم الكتب معتبرة كما تقدم .

( قوله : آدمي ) احتراز عن البهيمة كما يأتي ، وعن الجنية كما مر .

( قوله : سيجيء محترزه ) أي محترز ما ذكره من القيود الثلاثة .

( قوله : مكلفين ) أي عاقلين بالغين .

( قوله : ولو أحدهما إلخ ) لكن لو كانت هي المكلفة فلا بد أن يكون الصبي ممن يشتهي وإلا فلا يجب عليها أيضا كما يأتي في الشرح .

( قوله : تأديبا ) في الخانية وغيرها يؤمر به اعتيادا وتخلقا كما يؤمر بالصلاة والطهارة . وفي القنية قال محمد وطئ صبية يجامع مثلها يستحب لها أن تغتسل كأنه لم ير جبرها وتأديبها على ذلك . وقال أبو علي الرازي : تضرب على الاغتسال وبه نقول ، وكذا الغلام المراهق يضرب على الصلاة والطهارة . ا هـ .

( قوله : بالإجماع ) لما في الصحيحين حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ، أنزل أو لم ينزل } " وأما قوله عليه الصلاة والسلام " { إنما الماء من الماء } " فمنسوخ بالإجماع ، ووجوبه على المفعول به في الدبر بالقياس احتياطا ، وتمامه في شرح المنية .

( قوله : يعني إلخ ) تقييد لقوله في أحد سبيلي آدمي فإنه شامل لدبر نفس المولج .

( قوله : فرجح في النهر إلخ ) هو أحد قولين حكاهما في القنية وغيرها . قال في النهر : والذي ينبغي أن يعول عليه عدم الوجوب إلا بالإنزال ; إذ هو أولى من الصغيرة والميتة في قصور الداعي ، وعرف بهذا عدم الوجوب بإيلاج الإصبع .

( قوله : ولا يرد ) أي على إطلاق المصنف الحشفة وأحد السبيلين .

( قوله : فإنه لا غسل عليه إلخ ) أي لجواز كونه امرأة ، وهذا الذكر منه زائد فيكون كالإصبع وأن يكون رجلا ففرجه كالجرح فلا يجب بالإيلاج فيه الغسل بمجرده : قلت : ويشكل عليه معاملة الخنثى بالأضر في أحواله ، وعليه يلزمه الغسل فليتأمل ا هـ إمداد . أقول : سيذكر الشارح هذا الإشكال آخر الكتاب في كتاب الخنثى وسنوضح الجواب هناك إن شاء الله تعالى وذكرناه هنا فيما علقناه على البحر .

( قوله : ولا على من جامعه ) أي في قبله ، فلو جامعه رجل في دبره وجب الغسل عليهما كما أفاده ط أي لعدم الإشكال في الدبر ، وكذا لا إشكال فيما لو جامع وجومع لتحقق جنابته بأحد [ ص: 163 ] الفعلين .

( قوله : لأن الكلام ) علة لقوله ولا يرد .

( قوله : وسبيلين ) أي وأحد سبيلين ، فهو على تقدير مضاف دل عليه كلام المتن السابق ; ولهذا قال محققين أي الحشفة وأحد السبيلين فافهم ، والأحسن إبدال السبيلين بالقبل كما في البحر ; لأن السبيل يشمل الدبر ، وهو من الخنثى محقق




الخدمات العلمية