الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والإمام يصير إماما ) بأمرين ( بالمبايعة من الأشراف والأعيان ، وبأن ينفذ حكمه في رعيته خوفا من قهره وجبروته ، فإن بايع الناس ) الإمام ( ولم ينفذ حكمه فيهم لعجزه ) عن قهرهم ( لا يصير إماما ، فإذا صار إماما فجار لا ينعزل إن ) كان ( له قهر وغلبة ) لعوده بالقهر فلا يفيد - [ ص: 264 ] ( وإلا ينعزل به ) لأنه مفيد خانية ، وتمامه في كتب الكلام

التالي السابق


( قوله : والإمام ) أي الإمام الحق الذي ذكره أولا ولم يذكر شروطه استغناء بما قدمه في باب الإمامة من كتاب الصلاة وقدمنا الكلام عليها هناك فراجعها .

مطلب الإمام يصير إماما بالمبايعة أو بالاستخلاف ممن قبله ( قوله : يصير إماما بالمبايعة ) وكذا باستخلاف إمام قبله وكذا بالتغلب والقهر كما في شرح المقاصد . قال في المسايرة : ويثبت عقد الإمامة إما باستخلاف الخليفة إياه كما فعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، وإما ببيعة جماعة من العلماء أو من أهل الرأي والتدبير . وعند الأشعري يكفي الواحد من العلماء المشهورين من أولي الرأي بشرط كونه بمشهد شهود لدفع الإنكار إن وقع . وشرط المعتزلة خمسة . وذكر بعض الحنفية اشتراط جماعة دون عدد مخصوص ا هـ ثم قال : لو تعذر وجود العلم والعدالة فيمن تصدى للإمامة وكان في صرفه عنها إثارة فتنة لا تطاق حكمنا بانعقاد إمامته كي لا تكون كمن يبني قصرا ويهدم مصرا ، وإذا تغلب آخر على المتغلب وقعد مكانه انعزل الأول وصار الثاني إماما وتجب طاعة الإمام عادلا كان أو جائرا إذا لم يخالف الشرع ، فقد علم أنه يصير إماما بثلاثة أمور ، لكن الثالث في الإمام المتغلب وإن لم تكن في شروط الإمامة ، وقد يكون بالتغلب مع المبايعة وهو الواقع في سلاطين الزمان نصرهم الرحمن .

( قوله : وبأن ينفذ حكمه ) أي يشترط مع وجود المبايعة نفاذ حكمه وكذا هو شرط أيضا مع الاستخلاف فيما يظهر ، بل يصير إماما بالتغلب ونفاذ الحكم والقهر بدون مبايعة أو استخلاف كما علمت ( قوله : فلا يفيد ) أي لا يفيد عزله [ ص: 264 ] مطلب فيما يستحق به الخليفة العزل ( قوله : وإلا ينعزل به ) أي إن لم يكن له قهر ومنعة ينعزل به أي بالجور . قال في شرح المقاصد : ينحل عقد الإمامة بما يزول به مقصود الإمامة كالردة والجنون المطبق ، وصيرورته أسيرا لا يرجى خلاصه ، وكذا بالمرض الذي ينسيه المعلوم ، وبالعمى والصمم والخرس ، وكذا بخلعه نفسه لعجزه عن القيام بمصالح المسلمين وإن لم يكن ظاهرا بل استشعره من نفسه ، وعليه يحمل خلع الحسن نفسه . وأما خلعه لنفسه بلا سبب ففيه خلاف ، وكذا في انعزاله بالفسق . والأكثرون على أنه لا ينعزل ، وهو المختار من مذهب الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى . وعن محمد روايتان ، ويستحق العزل بالاتفاق . ا هـ . وقال في المسايرة : وإذا قلد عدلا ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم فتنة . ا هـ . وفي المواقف وشرحه : إن للأمة خلع الإمام وعزله بسبب يوجبه ، مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين كما كان لهم نصبه وإقامته لانتظامها وإعلائها ، وإن أدى خلعه إلى فتنة احتمل أدنى المضرتين . ا هـ . .




الخدمات العلمية