الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وفرض عند مني ذي دفق وشهوة عند انفصاله ) أي وفرض الغسل واختلف المشايخ في سبب وجوبه فظاهر ما في الهداية أن إنزال المني ونحوه سبب له ، فإنه قال المعاني الموجبة للغسل إنزال المني إلى آخره وتعقبه في النهاية بأن هذه معان موجبة للجنابة لا للغسل على المذهب الصحيح من علمائنا ، فإنها تنقضه فكيف توجبه ورده في غاية البيان بأن المراد أن الغسل يجب بهذه المعاني على طريق البدل ، وإنما يتوجه ما اعترض به إذا كانت هذه المعاني موجبة لوجود الغسل لا لوجوبه ورد أيضا بأنها تنقض ما كان وتوجب ما سيكون فلا منافاة .

                                                                                        وأجاب في المستصفى أيضا بأن هذه المعاني شروط في الوجوب لا أسباب فأضيف الوجوب إلى الشرط مجازا كقولهم صدقة الفطر ; لأن السبب يتعلق به الوجود والوجوب والشرط يضاف إليه الوجود فشارك الشرط السبب في الوجود وقال في الكافي ، وإنما قال عند مني ولم يقل بمني ; لأن سبب وجوب الغسل الصلاة أو إرادة ما لا يحل مع الجنابة والإنزال والالتقاء

                                                                                        وفي مبسوط شيخ الإسلام سبب وجوب الغسل إرادة ما لا يحل فعله عند عامة المشايخ وتعقبه في غاية البيان بأن الغسل يجب إذا وجد أحد هذه المعاني وجدت الإرادة أولا فكيف [ ص: 56 ] يكون سببا وقيل السبب الجنابة ورد أيضا لوجوده في الحيض والنفاس واختار في غاية البيان أن السبب الجنابة أو ما في معناه ليدخل الحيض والنفاس ويرد بما قدمناه في أول الكتاب من أنه يوجد الحدث والجنابة ولا يجب الوضوء والغسل كما إذا كان قبل الوقت ، فالأولى أن يقال سببه وجوب ما لا يحل مع الجنابة ، وهذا هو الذي اختاره في فتح القدير .

                                                                                        اعلم أن الأمة مجمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع ، وإن لم يكن معه إنزال وعلى وجوبه بالإنزال ، وكانت جماعة من الصحابة على أنه لا يجب إلا بالإنزال ثم رجع بعضهم ، وانعقد الإجماع بعد الآخرين وفي الباب حديث { إنما الماء من الماء } مع حديث أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في { الرجل يأتي أهله ثم لا ينزل قال يغسل ذكره ويتوضأ } وفيه الحديث الآخر { إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ، وإن لم ينزل } قال العلماء العمل على هذا الحديث ، وأما حديث { الماء من الماء } فالجمهور من الصحابة ومن بعدهم قالوا إنه منسوخ ويعنون بالنسخ أن الغسل من الجماع بغير إنزال كان ساقطا ثم صار واجبا

                                                                                        وذهب ابن عباس وغيره إلى أنه ليس منسوخا بل المراد به نفي وجوب الغسل بالرؤية في النوم إذا لم ينزل ، وهذا الحكم باق بلا شك ، وأما حديث أبي بن كعب ففيه جوابان أحدهما أنه منسوخ .

                                                                                        والثاني : أنه محمول على ما إذا باشرها فيما سوى الفرج كذا ذكر النووي في شرح مسلم لكن عندنا يشترط في وجوب الغسل بالإنزال أن يكون انفصال المني عن شهوة ، وهو ما ذكره بقوله عند مني ذي دفق وشهوة يقال دفق الماء دفقا صبه صبا فيه دفع وشدة كذا في المغرب وفي ضياء الحلوم دفق الماء دفقا صبه ، ودفق الماء دفوقا يتعدى ، ولا يتعدى وعبر عنه في الهداية بقوله إنزال المني على وجه الدفق والشهوة والأولى أن يقال نزول المني دون الإنزال ; لأنه يلزم من النزول الإنزال دون العكس ، فإن من احتلم أو وجد على فخذه يجب عليه الغسل بلا قصد الإنزال ذكره الهندي فعلى هذا التقدير يكون ذكر الدفق اشتراطا للخروج من رأس الذكر ، فإنه يقال دفق الماء دفوقا بمعنى خرج من محله بخلاف دفق دفقا ، فإنه بمعنى صبه صبا لكن هذا إنما يستقيم على قول أبي يوسف أما عندهما لا يستقيم ; لأنهما لم يجعلا الدفق شرطا بل تكفي الشهوة حتى قالا بوجوبه إذا زايل المني من مكانه بشهوة

                                                                                        وإن خرج بلا دفق كذا في النهاية ومعراج الدراية وغيرهما وأجاب عنه في العناية وغاية البيان بأنه لا حصر في كلامه فلكي يستقيم غايته يلزم ترك بعض موجباته عندهما في موضع بيانها ا هـ .

                                                                                        ولا يخفى ما فيه ويمكن أن يقال إن المراد بكون الإنزال على وجه الشهوة أن يكون للشهوة دخل في الإنزال سواء كانت مقارنة أو سابقة عليه مقارنة للانفصال هذا ، وعبارة المصنف أشد إشكالا ; لأنه يرد عليها ما ورد على عبارة القدوري من أنها لا تشمل مني المرأة ; لأن ماءها لا يكون دافقا كماء الرجل ، وإنما ينزل من صدرها إلى فرجها كما ذكره الولوالجي في فتاويه ويرد على عبارة المختصر خاصة التناقض في التركيب ; لأن اشتراط الدفق يفيد اشتراط خروج المني بشهوة من رأس الذكر وقوله عند انفصاله ينفيه فلو حذف الدفق لكان أولى [ ص: 57 ] وقد يقال إن الدفق بمعنى الدفوق مصدر اللازم وقال الشافعي : إن إنزاله موجب للغسل كان عن شهوة أو لا واستدلوا له بقوله صلى الله عليه وسلم { إنما الماء من الماء } أي الاغتسال من الإنزال ، وهو قول محمد وزفر كما نقله في معراج الدراية وفي الذخيرة ، وهو مختار بعض المشايخ ، واستدل في الهداية لنا بقوله تعالى { وإن كنتم جنبا فاطهروا } ، وهو في اللغة اسم لمن قضى شهوته فكان وجوب الاغتسال معلقا بالجنابة لا بخروج المني وأورد على هذا أن ظاهره الاستدلال بمفهوم الشرط ، ولم يجب عنه

                                                                                        وقد يقال ليس هذا استدلالا بمفهوم الشرط بل لما كان الحكم معلقا بشرط ولم يوجد كان الحكم معدوما بالعدم الأصلي لا أن عدم الشرط أوجب عدم الحكم ، وهذا لا يخفى على من اشتغل بأصول أصحابنا قال في التنقيح وعندنا العدم لا يثبت بالتعليق بل يبقى الحكم على العدم الأصلي .

                                                                                        وأجاب في الهداية عن الحديث بأنه محمول على الخروج عن شهوة قال الشارحون : وإنما حمل على هذا ; لأن العام إذا لم يمكن إجراؤه على العموم يراد أخص الخصوص لتيقنه ، وهنا يمتنع إجراؤه على العموم ; لأنه لا يجب الغسل بإنزال المذي والودي والبول بالإجماع والإنزال عن شهوة مراد بالإجماع فلا يكون غيره ، وهو إنزال المني لا عن شهوة مرادا ولا يخفى أن هذا المسلك لو صح لكان أوفق بقول أبي يوسف ; لأن أخص الخصوص الذي أريد بالإجماع ما يكون عن شهوة عند الخروج والانفصال جميعا فالأولى ما قدمناه من أنه منسوخ أو محمول على صورة الاحتلام ولما كان ما ذكرناه واردا عدل والله أعلم عن طريقة الشارحين في فتح القدير فقال والحديث محمول على الخروج عن شهوة ; لأن اللام للعهد الذهني أي الماء المعهود والذي به عهدهم هو الخارج عن شهوة كيف وربما يأتي على أكثر الناس جميع عمره ولا يرى هذا الماء مجردا عنها على أن كون المني يكون عن غير شهوة ممنوع .

                                                                                        فإن عائشة أخذت في تفسيرها إياه الشهوة على ما روى ابن المنذر أن المني هو الماء الأعظم الذي منه الشهوة ، وفيه الغسل وكذا عن قتادة وعكرمة فلا يتصور مني إلا من خروجه عن شهوة ، وإلا يفسد الضابط ثم اتفق أصحاب المذهب أنه لا يجب الغسل إذا انفصل عن مقره من الصلب بشهوة إلا إذا خرج على رأس الذكر ، وإنما الخلاف في أنه هل يشترط مقارنة الشهوة الخروج فعند أبي يوسف نعم وعندهما لا

                                                                                        وقد أشار إلى اختيار قولهما بقوله عند انفصاله أي فرض الغسل عند خروج مني موصوف بالدفق والشهوة عند الانفصال عن محله عندهما وجه قول أبي يوسف إن وجوب الغسل متعلق بانفصال المني وخروجه وقد شرطت الشهوة عند انفصاله فتشترط عند خروجه ، ولهما أن الجنابة قضاء الشهوة بالإنزال فإذا وجدت مع الانفصال صدق اسمها ، وكان مقتضى هذا ثبوت حكمها ، وإن لم يخرج لكن لا خلاف في عدم ثبوت الحكم إلا بالخروج فيثبت بذلك الانفصال من وجه ، وهو أقوى مما بقي واحتياط واجب ، وهو العمل بالأقوى من الوجهين ، فوجب وأورد في النهاية الريح الخارجة من المفضاة ; لأنها إن خرجت من القبل لا يجب الوضوء وإن خرجت من الدبر وجب فينبغي ترجيح جانب الوجوب احتياطا كما قالا هنا .

                                                                                        وأجاب بأن الشك هناك جاء من الأصل فتعارض الدليل الموجب وغير الموجب لتساويهما في القوة فتساقطا فعملنا بالأصل الثابت بيقين ، وهو الطهارة أما هنا جاء دليل عدم الوجوب [ ص: 58 ] من الوصف ، وهو الدفق ودليل الوجوب من الأصل ، وهو نفس وجود الماء مع الشهوة ، فكان في إيجاب الاغتسال ترجيح لجانب الأصل على جانب الوصف ، وهو صحيح ; لأن دليل الوجوب قد سبق هنا ، وهو مزايلة المني عن مكانه على سبيل الشهوة وخروجه من العضو لا على سبيل الدفق بقاء ذلك والسبق من أسباب الترجيح فترجح جانب الوجوب لذلك

                                                                                        وأما هناك فاقترن الدليلان على سبيل المدافعة فلا يثبت الحكم الحادث لتدافعهما بل يبقى ما كان على ما كان وفي المصفى وثمرة الاختلاف تظهر في ثلاث فصول أحدها أن من احتلم فأمسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم خرج المني يجب الغسل عندهما خلافا له .

                                                                                        والثاني : إذا نظر إلى امرأة بشهوة فزال المني عن مكانه بشهوة فأمسك ذكره حتى انكسرت شهوته ثم سال بعد ذلك لا عن دفق فعلى هذا الخلاف والثالث أن المجامع إذا اغتسل قبل أن يبول أو ينام ثم سال منه بقية المني من غير شهوة يعيد الاغتسال عندهما خلافا له فلو خرج بقية المني بعد البول أو النوم أو المشي لا يجب الغسل إجماعا ; لأنه مذي وليس بمني ; لأن البول والنوم والمشي يقطع مادة الشهوة ا هـ .

                                                                                        وفي فتح القدير وكذا لا يعيد الصلاة التي صلاها بعد الغسل الأول قبل خروج ما تأخر من المني اتفاقا وقيد المشي بالكثير في المجتبى وأطلقه كثير والتقييد أوجه ; لأن الخطوة والخطوتين لا يكون منهما ذلك كما لا يخفى وفي المبتغى بخلاف المرأة يعني تعيد تلك الصلاة إذا كانت مكتوبة إذا اغتسلت ثانيا بخروج بقية منيها وفيه نظر ظاهر والذي يظهر أنها كالرجل وفي المستصفى يعمل بقول أبي يوسف إذا كان في بيت إنسان واحتلم مثلا ويستحيي من أهل البيت أو خاف أن يقع في قلبهم ريبة بأن طاف حول أهل بيتهم ا هـ .

                                                                                        وفي السراج الوهاج والفتوى على قول أبي يوسف في الضيف وعلى قولهما في غيره ا هـ .

                                                                                        ولو خرج مني بعد البول وذكره منتشر وجب الغسل وإن لم يكن ذكره منتشرا لا يجب الغسل كذا في فتاوى قاضي خان وغيره ومحله إذا وجد الشهوة يدل عليه تعليله في التجنيس بأن في حالة الانتشار وجد الخروج والانفصال جميعا على وجه الدفق والشهوة ، وهذا يفيد إطلاق ما قدمنا من أن المني الخارج بعد البول لا يوجب الغسل إجماعا قيل وعلى الخلاف المتقدم مستيقظ وجد بثوبه أو فخذه بللا ولم يتذكر احتلاما وشك في أنه مذي أو مني يجب عندهما لاحتمال انفصاله عن شهوة ثم نسي ورق هو بالهواء خلافا له وفيه نظر فإن هذا الاحتمال ثابت في الخروج كذلك كما هو ثابت في الانفصال كذلك فالحق أنها ليست بناء على الخلاف بل هو يقول لا يثبت وجوب الغسل بالشك في وجود الموجب وهما احتاطا لقيام ذلك الاحتمال وقياسا على ما لو تذكر الاحتلام ، ورأى ماء رقيقا حيث يجب اتفاقا حملا للرقة على ما ذكرنا ، وقوله أقيس وأخذ به خلف بن أيوب وأبو الليث كذا في فتح القدير

                                                                                        واعلم أن هذه المسألة على اثني عشر وجها ; لأنه إما أن يتيقن أنه مني أو مذي أو ودي أو شك في الأول والثاني أو في الأول والثالث أو في الثاني والثالث وكل من هذه الستة إما أن تكون مع تذكر الاحتلام أو لا فيجب الغسل اتفاقا فيما إذا تيقن أنه مني وتذكر الاحتلام أو لا وفيما إذا تيقن أنه مذي وتذكر الاحتلام أو شك أنه مني أو مذي أو مني أو ودي .

                                                                                        [ ص: 59 ] أو مذي أو ودي وتذكر الاحتلام في الكل ولا يجب الغسل اتفاقا فيما إذا تيقن أنه ودي تذكر الاحتلام أو لا أو شك أنه مذي أو ودي ولم يتذكر الاحتلام أو تيقن أنه مذي ولم يتذكر الاحتلام ، ويجب الغسل عندهما لا عند أبي يوسف فيما إذا شك أنه مني أو مذي أو مني أو ودي ولم يتذكر الاحتلام فيهما ، وهذا التقسيم ، وإن لم أجده فيما رأيت لكنه مقتضى عبارتهم لكن قال في فتح القدير التيقن متعذر مع النوم وفي الخلاصة ولسنا نوجب الغسل بالمذي لكن المني يرق بإطالة المدة فتصير صورته صورة المذي لا حقيقة المذي ا هـ .

                                                                                        وهذا كله في النائم إذا استيقظ فوجد بللا أما إذا غشي عليه فأفاق فوجد مذيا أو كان سكران فأفاق فوجد مذيا لا غسل عليه اتفاقا كذا في الخلاصة وغيرها والفرق بأن المني والمذي لا بد له من سبب وقد ظهر في النوم تذكر أو لا ; لأن النوم مظنة الاحتلام فيحال عليه ثم يحتمل أنه مني رق بالهواء أو للغذاء فاعتبرناه منيا احتياطا ولا كذلك السكران والمغمى عليه ; لأنه لم يظهر فيهما هذا السبب ولو وجد الزوجان بينهما ماء دون تذكر ولا مميز بأن لم يظهر غلظه ورقته ولا بياضه وصفرته يجب عليهما الغسل صححه في الظهيرية ولم يذكروا القيد فقالوا يجب عليهما وقيل إذا كان غليظا أبيض فعليه أو رقيقا أصفر فعليها فيقيدونه بصورة نقل الخلاف ، والذي يظهر تقييد الوجوب عليهما بما ذكرنا فلا خلاف إذن كذا في فتح القدير

                                                                                        وينبغي أن يقيد أيضا بما إذا لم يظهر كونه وقع طولا أو عرضا ، فإن بعضهم قال إن وقع طولا فمن الرجل وإن وقع عرضا فمن المرأة ، ولعله لضعف هذا النوع من التمييز عنده أعرض عنه ، وليس ببعيد فيما يظهر ، والقياس أنه لا يجب الغسل على واحد منهما لوقوع الشك ، وإذا لم يجب عليهما لا يجوز لها أن تقتدي به ، والوجه فيه ظاهر ولا يخفى أن هذا كله فيما إذا لم يكن الفراش قد نام عليه غيرهما قبلهما ، وأما إذا كان قد نام عليه غيرهما ، وكان المني المرئي يابسا فالظاهر أنه لا يجب الغسل على واحد منهما ، ولو احتلمت المرأة ، ولم يخرج الماء إلى ظاهر فرجها عن محمد يجب وفي ظاهر الرواية لا يجب ; لأن خروج منيها إلى فرجها الخارج شرط لوجوب الغسل عليها ، وعليه الفتوى كذا في معراج الدراية والذي حرره في فتح القدير وقال إنه الحق الاتفاق على تعلق وجوب الغسل بوجود المني في احتلامهما والقائل بوجوبه في هذه الخلافية إنما يوجبه على وجوده ، وإن لم تره فالمراد بعدم الخروج في قولهم ولم يخرج منها لم تره خرج [ ص: 60 ] فعلى هذا الأوجه وجوب الغسل في الخلافية

                                                                                        والمراد بالرؤية في جواب النبي صلى الله عليه وسلم أم سليم لما { سألته هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت قال نعم إذا رأت الماء } العلم مطلقا ، فإنها لو تيقنت الإنزال بأن استيقظت في فور الاحتلام فأحست بيدها البلل ثم نامت فاستيقظت حتى جف فلم تر بعينها شيئا لا يسع القول بأن لا غسل عليها مع أنه لا رؤية بصر بل رؤية علم ورأى تستعمل حقيقة في علم باتفاق أهل اللغة قال : رأيت الله أكبر كل شيء ا هـ .

                                                                                        ولو جومعت فيما دون الفرج فسبق الماء إلى فرجها أو جومعت البكر لا غسل عليها إلا إذا ظهر الحبل ; لأنها لا تحبل إلا إذا أنزلت وتعيد ما صلت إن لم تكن اغتسلت ; لأنه ظهر أنها صلت بلا طهارة ولو جومعت فاغتسلت ثم خرج منها مني الرجل لا غسل عليها ولو قالت معي جني يأتيني في النوم مرارا وأجد ما أجد إذا جامعني زوجي لا غسل عليها وفي فتح القدير ولا يخفى أنه مقيد بما إذا لم تر الماء ، فإن رأته صريحا وجب كأنه احتلام وقد يقال ينبغي وجوب الغسل من غير إنزال لوجود الإيلاج ; لأنها تعرف أنه يجامعها كما لا يخفى ولا يظهر هذا الاشتراط إلا إذا لم يظهر لها في صورة الآدمي وفي فتاوى قاضي خان إذا استيقظ فوجد بللا في إحليله وشك في أنه مني أو مذي فعليه الغسل إلا إذا كان ذكره منتشرا قبل النوم فلا يلزمه الغسل إلا أن يكون أكبر رأيه أنه مني فيلزمه الغسل وهذه المسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون وهذه تقيد الخلاف المتقدم بين أبي يوسف وصاحبيه بما إذا لم يكن ذكره منتشرا ثم إن [ ص: 61 ] أبا حنيفة في هذه المسألة ومسألة المباشرة الفاحشة ومسألة الفأرة المنتفخة أخذ بالاحتياط وأبا يوسف وافقه في الاحتياط في مسألة المباشرة الفاحشة لوجود فعل هو سبب خروج المذي وخالفه في الفصلين الأخيرين لانعدام الفعل منه ومحمدا وافقه في الاحتياط في مسألة النائم ; لأنه غافل عن نفسه فكان عنده موضع الاحتياط بخلاف الفصلين الأخيرين ، فإن المباشر ليس بغافل عن نفسه فيحس بما يخرج منه كذا في المبسوط وفي المحيط ولو أن رجلا عزبا به فرط شهوة له أن يستمني بعلاج لتسكن شهوته ولا يكون مأجورا عليه ليته ينجو رأسا برأس هكذا روي عن أبي حنيفة وفي الخلاصة معزيا إلى الأصل المراهق لا يجب عليه الغسل لكن يمنع من الصلاة حتى يغتسل وكذا لو أراد الصلاة بدون الوضوء وكذا المراهقة ا هـ .

                                                                                        وفي القنية لو أنزل الصبي مع الدفق ، وكان سبب بلوغه فالظاهر أنه لا يلزمه الغسل ا هـ .

                                                                                        قال بعض المتأخرين ولا يخفى أنه على هذا لا بد من توجيه المتون ولم يذكر توجيها وقد يقال إن غير المكلف مخصوص من إطلاق عباراتهم فقولهم وموجبه إنزال مني معناه أن إنزال المني موجب للغسل على المكلف لا على غيره وسيأتي خلاف هذا في آخر بحث الغسل إن شاء الله تعالى .

                                                                                        واعلم أنه كما ينتقض الوضوء بنزول البول إلى القلفة يجب الغسل بوصول المني إليها ذكره في البدائع .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : يجب بهذه المعاني على طريق البدل ) أي أن أي معنى إذا وجد من هذه المعاني يجب به الغسل ولا مدخل لهذا في الرد فالأولى الاقتصار على قوله ، وإنما يتوجه إلخ [ ص: 56 ] ( قوله : ورد أيضا ) أي رد ما تعقب به في النهاية ، وهذا الرد يئول في المعنى إلى ما في غاية البيان ( قوله : لكن هذا إنما يستقيم إلخ ) هذه الجملة من هنا إلى قوله لما في ضياء الحلوم موجودة في بعض النسخ بين قوله الآتي ، فإنه بمعنى صبه صبا وقوله وقال الشافعي والموجود فيها بعد قوله هنا كذا في المغرب وفي ضياء الحلوم إلى قوله وقال الشافعي ولا يخفى على المتأمل أن هذا الموجود في بعض النسخ كما قلنا أحسن ( قوله : ويمكن أن يقال إن المراد الإنزال إلخ ) لم يظهر لهذا مدخل في هذا المحل فليتأمل

                                                                                        ( قوله : وقوله عند انفصاله ينفيه ) وحينئذ فلا يستقيم حمله على قول أبي يوسف رحمه الله أيضا ; لأنه إنما يشترط الشهوة والدفق عند الخروج عن رأس الذكر لا عند الانفصال وأقول : وبالله التوفيق يمكن : توجيه كلام المصنف على وجه لا يرد عليه شيء مما ذكر ولكن مع نوع من التكلف وذلك بأن يحمل الدفق على أنه مصدر اللازم كما يذكره الشارح أي ذي دفع أو على ما قال ابن عطية كما نقله في النهر أنه يصح أن يكون الماء دافقا ; لأن بعضه يدفق بعضا أي يدفعه فمنه دافق ومنه مدفوق والظرف في قوله عند انفصاله متعلق بقوله فرض كالظرف في قوله عند مني والمراد بالانفصال الخروج وحينئذ يكون صادقا بالقولين ; لأن الشهوة لم تقيد بكونها عند الانفصال ولا عند الخروج أو الظرف الأول متعلق بفرض ، وهو على تقدير مضاف أي عند خروج مني والثاني متعلق بالدفق ، وهذا أقرب من الأول وعليهما فذكر الشهوة تصريح بما علم التزاما فلا يكون مستدركا كما قيل لتغاير مفهوميهما ، وإن استلزم أحدهما الآخر وسيأتي في كلام الشارح ما يشعر بهذا الوجه الثاني فيما بعد والدفق على تفسيريه المارين يصح أن يكون قبل الخروج

                                                                                        ويشمل كلامه مني المرأة لأنه يندفع عند خروجه أو يدفع بعضه بعضا ويندفع أيضا التناقض عن كلامه ، وهذا [ ص: 57 ] التقرير مع أنه غير بعيد كل البعد خصوصا الثاني أولى من إهمال كلام المصنف بالمرة وخروجه عن الانتظام مع أنهم قد يتكلفون في كلام البلغاء بأبعد من هذا كما لا يخفى على من له بذلك إلمام والله تعالى ولي الإلهام ( قوله : أي الاغتسال من الإنزال ) الأولى أن يقال أي وجوب الماء من نزول المني ليكون فيه إشارة إلى تقدير المضاف فيهما وليوافق قول الشافعي ومحمد وزفر رحمهم الله بوجوبه بالنزول لا بالإنزال ( قوله : ولا يخفى أن هذا المسلك لو صح ) كأنه يشير إلى أنه لا داعي إلى حمل أل على الجنس أي جنس الماء النازل من مخرج الإنسان بل هو بعيد لعدم توهم إرادة ذلك من الحديث فاللام للعهد الذهني كما يأتي عن الفتح وحينئذ لا يتم ما قاله الشارحون في تقرير كلام الهداية

                                                                                        ( قوله : وإلا يفسد الضابط ) أي الضابط الذي وصفته عائشة رضي الله عنها لتمييز المياه لتعطي أحكامها ، وذلك حيث قالت كما في فتح القدير فأما المذي فالرجل يلاعب امرأته فيظهر على ذكره الشيء فيغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ ولا يغتسل ، وأما الودي ، فإنه يكون بعد البول يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ ولا يغتسل ، وأما المني فإنه الماء الأعظم إلى آخر ما مر ( قوله : وهو أقوى مما بقي ) ، وهو الشهوة حالة الخروج كما يظهر من غاية البيان ومن الجواب الآتي ويكون حاصل ذلك أن الوجوب يتعلق بالانفصال والخروج جميعا ; لأنه بمجرد الانفصال لا يجب اتفاقا فبالنظر إلى وجود الشهوة حالة الانفصال يجب وبالنظر إلى عدمها حالة الخروج لا فوجب من وجه دون وجه وثبوته بالأول أحوط ; لأنه أقوى [ ص: 58 ]

                                                                                        ( قوله : من الوصف ، وهو الدفق ) أي الذي هو لازم للخروج بشهوة ( قوله : وفيه نظر إلخ ) مأخوذ من شرح المنيةلابن أمير حاج قال المقدسي ، وهذا مبني على ما حمل كلام المبتغى عليه ولو حمل قوله بخلاف المرأة على أنها لا تعيد أصلا ; لأن ما يخرج منها يحتمل أنه ماء الرجل فهذا وجه المخالفة ( قوله : وفيه نظر ، فإن هذا الاحتمال ثابت إلخ ) أي كما أن الاحتمال موجود في الانفصال عن مقره موجود أيضا في الانفصال عن رأس الذكر فيحتمل انفصاله عن شهوة فيجب اتفاقا فلا يصح بناؤها على الخلاف من هذا الوجه المذكور ولا جعلها من ثمرته كالثلاثة السابقة ( قوله : أو في الثاني والثالث ) زاد بعضهم أو في الثلاثة أخذا من كلامه وعليه فتكون على أربعة عشر وجها ثم ضبطها بقوله إما أن يعلم أنه مني أو مذي أو ودي أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة وعلى كل أما أن يتذكر احتلاما أو لا فيجب الغسل اتفاقا في سبع صور منها ، وهي ما إذا علم أنه مذي أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة مع تذكر الاحتلام فيها أو علم أنه مني مطلقا ولا يجب اتفاقا فيما إذا علم أنه ودي مطلقا وفيما إذا علم أنه مذي أو شك في الأخيرين مع عدم تذكر الاحتلام ويجب عندهما فيما إذا شك في الأولين أو في الطرفين أو في ثلاثة احتياطا ولا يجب عند أبي يوسف للشك في وجود الموجب ا هـ .

                                                                                        ( قوله : وفيما إذا تيقن أنه مذي وتذكر الاحتلام ) أقول : ذكر العلامة ابن أمير حاج في الحلية شرح المنية هذه المسألة وذكر وجوب الغسل فيها بالإجماع ثم قال بعده هذا على ما في كثير من الكتب المعتبرة وفي المصفى ذكر في الحصر والمختلف والفتاوى الظهيرية أنه إذا استيقظ فرأى مذيا وقد تذكر الاحتلام أو لم يتذكر فلا غسل عليه عند أبي يوسف وقالا عليه الغسل [ ص: 59 ] فيحتمل أن يكون عن أبي يوسف روايتان وذكر في المختلفات إذا تيقن بالاحتلام وتيقن أنه مذي ، فإنه لا يجب الغسل عندهم جميعا ا هـ .

                                                                                        أقول : وعلى ما في المصفى يجري الخلاف أيضا فيما إذا شك أنه مذي أو ودي مع تذكر الاحتلام وذلك بالطريق الأولى ( قوله ولو وجد الزوجان بينهما ماء إلخ ) قال الرملي أقول : احترز بقوله وجد الزوجان عن غيرهما فهو صريح في أن غيرهما لا يجب عليه تأمل ثم قال عند قوله والقياس أن لا يجب على واحد منهما هو صريح في غيرهما أنه لا يلزم تأمل

                                                                                        ( قوله : صححه في الظهيرية ) يوهم أنه صححه مع التقييد بدون تذكر ولا مميز وليس كذلك ، فإنه قال ما نصه وفي الفتاوى إذا وجد في الفراش مني ويقول الزوج من المرأة وهي تقول من الزوج إن كان أبيض فمني الرجل ، وإن كان أصفر فمني المرأة وقيل إن كان مدورا فمني المرأة وإن كان غير مدور فمني الرجل والأصح أنه يجب عليهما احتياطا لأمر العبادة وأخذا بالثقة ا هـ .

                                                                                        ( قوله : بوجود المني في احتلامهما ) أي الرجل والمرأة المذكورين في عبارة فتح القدير ( قوله : والقائل بوجوبه في هذه الخلافية إنما يوجبه على وجوده ، وإن لم تره ) قال في فتح القدير عقب هذا يدل على ذلك تعليله في التجنيس احتلمت ولم يخرج منها الماء إن وجدت شهوة الإنزال كان عليها الغسل ، وإلا لا ; لأن ماءها لا يكون دافقا كماء الرجل ، وإنما ينزل من صدرها فهذا التعليل يفهمك أن المراد بعدم الخروج في قوله ولم يخرج منها لم تره خرج إلخ والذي يفهم من كلام الفتح سابقا ولاحقا أن مراده أنهم اتفقوا على أنه إذا وجد المني فقد وجب الغسل ومحمد قال بوجوبه في هذه المسألة بناء على وجود المني ، وإن لم تره فقولهم لو احتلمت ولم يخرج الماء على معنى ولم تره خرج فيجب عند محمد لوجوده

                                                                                        وإن لم تره لكن لا يخفى أن غير محمد لا يقول بعدم الوجوب والحالة هذه فكيف يجعلون عدم الوجوب ظاهر الرواية اللهم إلا أن يكون مراده الاعتراض عليهم في نقل الخلاف وأنهم لم يفهموا قول محمد وأن مراده بعدم الخروج عدم الرؤية ولا يخفى بعد هذا ، فإنهم قيدوا الوجوب عند غير محمد بما إذا خرج إلى الفرج الخارج ، فإن كان مراده بعدم الرؤية البصرية فهو مما لا يسع أحدا أن يخالف فيه وإن كان العلمية فلم يحصل الاتفاق على تعلق الوجوب بوجود المني فالظاهر وجود الخلاف وأن ما في التجنيس مبني على قول محمد وحينئذ لا دلالة له على ما ادعاه فليتأمل ثم رأيت شارح المنية العلامة الحلبي نازع الكمال فيما قال وذلك حيث قال أقول : هذا لا يفيد كون الأوجه وجوب الغسل في المسألة المختلف فيها ، فإن ظاهر الرواية أنها لا يجب عليها الغسل وبه أخذ الحلواني وقال في الخلاصة ، وهو الصحيح لحديث أم سليم .

                                                                                        [ ص: 60 ] سواء كانت الرؤية بمعنى البصر أو بمعنى العلم ، فإنها لم تر بعينها ولا علمت خروجه اللهم إلا إن ادعى أن المراد - يعني في الحديث - برأت رؤيا الحلم ولكن لا دليل له على ذلك فلا يقبل منه وذكر المصنف عن محمد أنها يجب عليها الغسل وبه أخذ صاحب التجنيس معللا بما تقدم ، وهو ليس بقوي إذ لا أثر في نزول مائها من صدرها غير دافق في وجوب الغسل ، فإن وجوب الغسل في الاحتلام متعلق بخروج المني من الفرج الداخل كما تعلق في حق الرجل بخروجه من رأس الذكر فكما أن الرجل لو انفصل منيه عن الصلب بالدفق والشهوة لا يجب عليه الغسل ما لم يخرج إلى ما يلحقه حكم التطهير لا يجب عليها الغسل على أن في مسألتنا لم يعلم انفصال منيها عن صدرها ، وإنما حصل ذلك في النوم وأكثر ما يرى في النوم لا تحقق له فكيف يجب عليها الغسل نعم قال بعضهم لو كانت مستلقية وقت الاحتلام يجب عليها الغسل لاحتمال الخروج ثم العود فيجب الغسل احتياطا ، وهو غير بعيد إلا من حيث إن ماءها إذا لم ينزل دفقا بل سيلانا يلزم أما عدم الخروج إن لم يكن الفرج في صبب أو عدم العود إن كان في صبب فليتأمل .

                                                                                        ( قوله : فإنها لا تحبل إلا إذا أنزلت ) أقول : لا يخفى أن الحبل يتوقف على انفصال الماء عن مقره لا على خروجه فالظاهر أن وجوب الغسل مبني على الرواية السابقة عن محمد تأمل ثم رأيت العلامة الحلبي صرح بذلك في شرح المنية الكبير جازما بذلك فقال ولا شك أنه مبني على وجوب الغسل عليها بمجرد انفصال منيها إلى رحمها ، وهو خلاف الأصح الذي هو ظاهر الرواية قال في التتارخانية وفي ظاهر الرواية يشترط الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج لوجوب الغسل حتى لو انفصل منها عن مكانه ولم يخرج عن الفرج الداخل إلى الفرج الخارج لا غسل عليها وفي النصاب ، وهو الأصح ا هـ .

                                                                                        فالحمد لله رب العالمين ( قوله : فاغتسلت ثم خرج منها مني الرجل لا غسل عليها ) قال الرملي أقول : وعليها الوضوء كما صرح به في التتارخانية نقلا عن مجموع النوازل ( قوله : وقد يقال ينبغي وجوب الغسل من غير إنزال ) لا يخفى أن هذا مما لا ينبغي ; لأن الكلام فيما إذا كان يأتيها في النوم ، وهي في هذه الحالة لو رأت أنه جامعها مائة إنسي لا يجب عليه الغسل ما لم تنزل نعم لو كانت تراه في حالة اليقظة يتأتى ما قال : وكان نسي التقييد بالنوم ، وإلا فلا وجه له كما علمت ثم رأيت الشيخ إسماعيل ضبط قوله في اليوم بالياء المثناة التحتية ( قوله : إلا إذا لم يظهر لها في صورة الآدمي ) أقول : هذا التقييد مأخوذ من شرح المنية لابن أمير حاج الحلبي ، فإنه قال ينبغي أن يكون هذا إذا لم يظهر لها في صورة آدمي أما إذا ظهر لها في صورة رجل من بني آدم ، فإنه يجب عليها الغسل بمجرد إيلاج قدر الحشفة من ذكره وكذا إذا ظهر للرجل من الإنس جنية في صورة آدمية فوطئها ، فإنه يجب عليه الغسل بمجرد إيلاج حشفته فيها إلحاقا له بإيلاج آدمي لآدمية لوجود المجانسة الصورية إلا أن يقال إنما يتم هذا لو لم يوجد بينهما مباينة معنوية ، وهي محققة ومن ثم علل به بعضهم حرمة التناكح بينهما فينبغي حينئذ أن لا يجب إلا بالإنزال كما في وطء البهيمة والميتة ثم أورد .

                                                                                        وأجاب ثم قال نعم لو ظهر لها في صورة آدمي فوطئها غير عالمة بأنه جني أو ظهرت له جنية كذلك فوطئها كذلك ثم علما بما كان في نفس الأمر وجب الغسل عليهما فيما يظهر لانتفاء ما يفيد قصور السببية

                                                                                        ( قوله : إلا إذا كان ذكره منتشرا قبل النوم إلخ ) قيد في المنية عدم وجوب الغسل في هذه الصورة بما إذا نام قائما أو قاعدا أما إذا نام مضطجعا فعليه الغسل وعزاه إلى المحيط والذخيرة [ ص: 61 ] ( قوله : أن يستمني بعلاج لتسكن شهوته ) أما إذا قصد قضاء الشهوة فلا يحل كما في كتاب الصوم من إمداد الفتاح عن الخلاصة وصرح بالإثم إذا داوم عليه ( قوله : ولا يكون مأجورا عليه ) قال في إمداد الفتاح وقيل يؤجر إذا خاف الشهوة كذا في الكفاية عن الواقعات ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية