الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4911 138 - حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، قال عمرو : أخبرني عطاء ، سمع جابرا رضي الله عنه قال : كنا نعزل والقرآن ينزل . وعن عمرو عن عطاء ، عن جابر قال : كنا نعزل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذان وجهان في حديث جابر ; أحدهما عن علي بن عبد الله المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وذكر فيه الإخبار والسماع ولم يذكر " على عهد النبي صلى الله عليه وسلم " ، والآخر بالإسناد المذكور عن عمرو وذكره بالعنعنة وذكر فيه " على عهد النبي صلى الله عليه وسلم " . ووقع في رواية الكشميهني " كان يعزل " بضم الياء آخر الحروف وفتح الزاي على صيغة المجهول ، فإن قلت : روى مسلم من حديث أبي الأسود عن عروة عن عائشة عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أناس . . . الحديث ، وفيه : ثم سألوه عن العزل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك الوأد الخفي . وبه استدل إبراهيم النخعي وسالم بن عبد الله والأسود بن يزيد وطاوس وقالوا : العزل مكروه ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل العزل بمنزلة الوأد إلا أنه خفي ، لأن من يعزل عن امرأته إنما يعزل هربا من الولد ، فلذلك سمي الموؤودة الصغرى ، ولموؤودة الكبرى هي التي تدفن وهي حية ; كان إذا ولد لأحدهم بنت في الجاهلية دفنوها في التراب وهي حية ، فكيف التوفيق بين هذا وبين حديث جابر وأبي سعيد وغيرهما ، وفي حديث جابر " قلنا : يا رسول الله ، إنا كنا نعزل فزعمت اليهود أنها الموؤودة الصغرى ! فقال : كذبت اليهود ، إن الله إذا أراد أن يخلقه لم يمنعه . [ ص: 196 ] رواه الترمذي ؟ قلت : أجيب عن هذا بوجوه ; الأول : أنه يحتمل أن يكون الأمر في ذلك كما وقع في عذاب القبر لما قالت اليهود إن الميت يعذب في قبره فكذبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يطلعه الله على ذلك ، فلما أطلعه الله على عذاب القبر أثبت ذلك واستعاذ بالله منه ، وهاهنا كذلك . الثاني : ما قاله الطحاوي أنه منسوخ بحديث جابر وغيره ، فإن قلت : ذكروا أن جذامة أسلمت عام الفتح فيكون حديثها متأخرا ، فيكون ناسخا لغيره - قلت : ذكروا أيضا أنها أسلمت قبل الفتح ، وقال عبد الحق : هو الصحيح .

                                                                                                                                                                                  الثالث : قال ابن العربي : حديث جذامة مضطرب . الرابع : يرجع إلى الترجيح ; فحديث جذامة يرد من حديثها ، وحديث جابر برجال الصحيح وله شاهد من حديث أبي سعيد على ما سيأتي ، وحديث أبي هريرة الذي أخرجه النسائي من حديث أبي سلمة عنه قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العزل فقيل : إن اليهود تزعم أنها الموؤودة الصغرى ! فقال : كذبت يهود .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية