الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5506 62 - حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هشام، أخبرنا معمر، عن الزهري قال: أخبرتني هند بنت الحارث، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليل، وهو يقول: لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                  قال الزهري: وكانت هند لها أزرار في كميها بين أصابعها.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه ذكر هذا الحديث في هذا الباب من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - حذر أهله وجميع المؤمنات من لباس رقيق الثياب الواصفة لأجسامهن بقوله: " كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة"، وفهم منه أن عقوبة لابسة ذلك: أن تعرى يوم القيامة. وفيما حكاه الزهري عن هند ما يؤيد ذلك على ما يجيء.

                                                                                                                                                                                  وعبد الله بن محمد هو المسندي. وهشام هو ابن يوسف الصنعاني ومعمر هو ابن راشد. [ ص: 21 ] والزهري هو محمد بن مسلم. وهند بنت الحارث الفراسية، وقيل: القرشية، كانت تحت معبد بن المقداد بن الأسود. وأم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- واسمها هند. والحديث مضى في كتاب العلم في باب: العلم والعظة بالليل; فإنه أخرجه هناك عن صدقة، عن ابن عيينة، عن معمر إلى آخره، ومضى في صلاة الليل، وسيجيء في الفتن أيضا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ماذا " استفهام متضمن لمعنى التعجب والتعظيم، أي: رأى في المنام أنه ستقع بعده الفتن، ويفتح لهم الخزائن، أو عبر عن الرحمة بالخزائن؛ كقوله تعالى: خزائن رحمة ربك وعن العذاب بالفتن; لأنها أسباب مؤدية إليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " الحجرات"، ويروى: " الحجر" باعتبار الجنس.

                                                                                                                                                                                  قوله: " عارية" بالجر؛ أي: كم كاسية عارية عرفتها، وبالرفع؛ أي: اللابسات رقيق الثياب التي لا تمنع من إدراك لون البشرة - معاقبات في الآخرة بفضيحة التعري، أو اللابسات للثياب النفيسة عاريات من الحسنات في الآخرة; فهو حض على ترك السرف بأن يأخذن أقل الكفاية ويتصدقن بما سوى ذلك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال الزهري" موصول بالإسناد المذكور إليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لها أزرار" جمع الزر، كذا وقع للأكثرين، ووقع في رواية أبي أحمد الجرجاني: " إزار" براء واحدة. وقيل: هو غلط، والمعنى أنها كانت تخشى أن يبدو من جسدها شيء بسبب سعة كميها، فكانت تزرر ذلك؛ لئلا يبدو منه شيء فتدخل في قوله: " كاسية عارية". وقال الكرماني: ما غرض الزهري من نقل هذه الحالة؟ ثم أجاب بقوله: لعله أراد بيان ضبطه وتثبيته. وفيه بعد.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية