الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6075 - وقال لنا أبو الوليد : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، عن أبي قال : كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت : " ألهاكم التكاثر " .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أبو الوليد هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ، ذهب الحافظ المزي أن هذا تعليق واعترض عليه بعضهم وقال : هذا صريح في الوصل لقوله : وقال لنا : وإن كان التصريح بالتحديث أشد اتصالا . انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت : الصواب ما قاله المزي ; لأن فيه حماد بن سلمة وهو لم يعد فيمن أخرج له البخاري موصولا ، وليس هو على شرطه في الاحتجاج على أن عند البعض قال فلان أو قال فلان للمذاكرة غالبا ، وربما يكون للإجازة أو للمناولة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " عن ثابت " بالثاء المثلثة في أوله وهو ابن أسلم البناني أبو محمد البصري .

                                                                                                                                                                                  قوله : " عن أبي " هو أبي بن كعب الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  وفيه رواية الصحابي عن الصحابي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كنا نرى " بضم النون أي : كنا نظن ، ويجوز فتحها من الرأي أي : كنا نعتقد .

                                                                                                                                                                                  قوله : " هذا لم يبين " المشار إليه وقد بينه الإسماعيلي حيث قال في روايته : كنا نرى هذا الحديث من القرآن : لو أن لابن آدم واديا من مال . . الحديث حتى نزلت : " ألهاكم التكاثر " ، وفي رواية موسى بن إسماعيل زاد إلى آخر السورة ، قيل : ما وجه التخصيص بسورة التكاثر وهي ليست ناسخة له إذ لا معارضة بينهما ، وأجيب بأن شرط نسخ الحكم المعارضة ، وأما نسخ اللفظ فلا يشترط فيه ذلك ، فمقصوده أنه لما نزلت السورة التي هي بمعناه أعلمنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بنسخ تلاوته والاكتفاء بما هو في معناه ، وأما موافقته لمعنى فلأن بعضهم فسر زيارة المقابر بالموت ، يعني شغلكم التكاثر في الأموال إلى أن متم ، وقيل : يحتمل أن يقال : معناه كنا نظن أنه قرآن حتى نزلت السورة التي بمعناه ، فحين المقايسة بينهما عرفنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه ليس قرآنا ، فلا يكون من باب النسخ في شيء والله أعلم ، وقيل : كان قرآنا ونسخت تلاوته ، ولما نزلت : " ألهاكم التكاثر " واستمرت تلاوتها كانت ناسخة لتلاوة ذلك ، ومن هذا القبيل ما رواه أحمد من حديث أبي واقد الليثي قال : كنا نأتي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذا نزل عليه فيحدثنا فقال لنا ذات يوم : إن الله قال : إنما أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون له ثان . . . الحديث ، ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم أخبر به عن الله تعالى بأنه من القرآن على أنه يحتمل أن يكون من الأحاديث القدسية ، فعلى الوجه الأول نسخت تلاوته قطعا ، وإن كان حكمه مستمرا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية